المرحلة البسيطة الأولى! فما للمؤمنين لا يؤمنون؟ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ، إذا فلا يرحمون ، تنقطع عنهم الرحمة الإلهية بتركهم أدنى مراتب الخضوع للقرآن : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٧ : ٢٠٤).
إنه لا يختص القرآن هنا بقرآن الصلاة جماعة ، وإن نزلت الآية في شأنها ، حيث المورد لا يخصص ، إنه القرآن المطلق لأنه قرآن ، وإن كان فرض استماعه في الصلاة أولى ، والآية هذه تأمر باستماعه والإنصات له إذا قرئ ، وتعد بالرحمة ، وتهدّد بانقطاعها لو لا الاستماع والإنصات.
والآية الأولى (.. لا يَسْجُدُونَ) تندّد بمن لا يخضع للقرآن إذ يقرأ ، وتعتبر هكذا خضوع من حصائل الإيمان لأول وهلة منه ، إذا فتارك الاستماع والإنصات للقرآن خارج عن أولى متطلبات الإيمان ، منقطع عن الرحمة الإلهية التي وعدها المؤمنون.
وهل يا ترى إن عظيما من العظماء إذا كلّمك مخاطبا ، ثم لم تستمع له ولم تنصت ـ ولو كان لصالحه هو لا أنت ـ فما هي إذا حالته؟ فهلا يغضب أن هتكته ولم تحسب له حسابا؟ إذا فما ظنك برب العالمين الذي يخاطبك في قرآنه ـ لك ولصالحك أنت ـ ثم أنت تلهو عنه إلى غيره من أشغال ، أو إلى كلام غيره؟ أفلا تستحق إذا انقطاع الرحمة والتنديد الشديد : أنك لم تؤمن؟!
وتقول الروايات كما تقوله الآيتان ، أن فرض الاستماع المنصت لا يختص قرآنا دون قرآن ، ولا حالة دون حالة ، فهو عام في كافة المجالات قدر المستطاع.
فلأهمية فرض الاستماع نرى عليا عليه السّلام يسكت في صلاته لمن يقرأ في غير