لهذا البيت ، وكثير هؤلاء الحهال الذين يحترمون الزمان ولا يحترمون صاحب الزمان ، ويكرمون المكان ولا يكرمون من به كرامة المكان!.
صحيح أن مكة لها حرمتها فوق البلاد كلها ، لكنها ليست إلا لأن يعبد فيها ربها ويكرم رسوله ، وتحل مقامة فيها رسالته ، وأما إذا كانت مهتوكا فيها حرمة الله ورسوله ، فهل يا ترى تبقى حرمته ، لأحجار وضعت فيها فوق بعض ، وأوثان علّقت عليها ، ومكاء وتصدية وأمثالها من فضائح!.
أو : وأنت حلّ : حرّ ـ بهذا البلد ، تفعل فيه ما تشاء بالمشركين ، الذين استحلوا حرمته وحرمتك ، وقد تكون الثلاثة مرادة (١) وما أجمعها وألطفها كما هو دأب القرآن ، ويعني من حلّه عليه السّلام حريته بما يفعل بالمشركين بعد فتح مكة ، فلا أقسم به : لا أحترمه ، وأنت خارج عن عقدك الماضية ، حرّ فيما تريد بأهله (٢).
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) :
لا أقسم بهذا البلد ، وإنما أقسم بمن به حرمة البلد : (والِدٍ وَما وَلَدَ) : آدم ومن ولدهم من النبيين (٣) ، ابراهيم وولده المعصومين ، محمد وولده الطيبين من صلبه : فاطمة والأئمة الأحد عشر ، من الحسن عليه السّلام إلى القائم عليه السّلام ،
__________________
(١) وعلى الثالث : فالواو استئنافية ، بخلاف الأولين إذ كانت فيهما حالية ، وهنا روايات مستفيضة تؤيد الثالث.
(٢) كما عن سعيد بن جبريل قال : لما فتح النبي (ص) الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي سعيد بن عبد الله بن خطل فضرب عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة ، فأنزل الله : «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ. وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ» وهو أحد الأربعة الذين لم يؤمنهم النبي (ص) ، وروي مثله في معنى الحل عن مجاهد وأبي صالح وقتادة وعطية والحسن والضحاك وعطاء وابن زيد وابن عباس.
(٣) رواه في مجمع البيان عن الصادق (ع).