أو من هو وليد عقله الرسالي : علي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وكما قال : ولّدني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وبمناسبة الحال ، وأن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم هو مجمع معاني الوالد الروحي ، وولده مجامع فضائل الولادة الروحانية ، قد يكونان هما المعنيان من : (والِدٍ وَما وَلَدَ) ويجري في غيرهما من المعصومين جريا على ضوئهما ، فقسما بمحمد وعترته الطاهرين المكابدين الكادحين :
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) :
«كبد» : مشقة ، فالإنسان مخلوق في كبد وكدح وكدّ (١) وهو لزامه حتى الموت ، فإذا رأيت كبدا في هذا البلد ، ما لم يره أحد في تاريخ الرسالات ، فلك الراحة إذ كان في سبيل الطاعة. دون المكابدين الكادحين الذين يعيشون حياتهم كبدا على كبد ، وكدّا على كدّ : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١٨ : ١٠٤).
هؤلاء هم! وأما أنت فمهما بلغ بك الكبد ، ومهما تكبدت اتعابا : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) ، ولا يبدل كبدك يسرا ما لم تقتحم العقبة والعقبات عبر الرسالات» ، على حدّ قول الإمام الحسن عليه السّلام : لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد من الأمر ما يكابد من الإنسان ، يكابد مضايق الدنيا والآخرة (٢) ، إن انفصال النطفة من الصلب والترائب يخلف
__________________
(١). الكبد معروفة ، والكبد والكباد توجعها ، والكبد أصابتها.
(٢). تفسير البرهان ٤ : ٤٦٣ نقلا عن الزمخشري في ربيع الأبرار ، وفي الدر المنثور ٦ : ٣٥٣ ، أخرجه ابن المبارك في الزهد ، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه (ع) إلى قوله : «الإنسان».