وكذلك عزله عن بعضها ، إذا فهو تخفيف حمل الرسالة بوزير من نفسه ووزير كنفسه (١).
وقد رفع الله ذكره بهذا الوزير لحدّ اعتبره شاهدا منه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (١١ : ١٧) ورفع ذكره مع الله من على المآذن أوقات الصلاة (٢) ورفعه قبل مولده ومبعثه في كتابات النبيين من قبل ، فأصبح رفيع الذكر حياته وقبلها وبعدها ، ويا له من ذكر لزاما لذكر الله! وكما عن الرسول عن الله : «إذا ذكرت ذكرت معي»(٣).
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) :
وعلى حدّ قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لن يغلب عسر يسرين (٤) ، وهنا تعريف العسرين يوحي أنهما واحد ، حيث الثاني يشير إلى الأول ، كما أن تنكير يسرين دليل أنهما اثنان ، إذ لا إشارة حيث لا عهد مسبقا :
فمع عسر الرسالة في وزرها يسران هما : انشراح صدره ووضع وزره ، وإذا اعتبرا واحدا فثانيها يسر الحشر وأولاه وضع الوزر وشرح الصدر ، يجمعهما ارتياح ضمير الرسول أن بلّغ ما عليه ، وهكذا يكون دائما عسر المؤمن مكافحا بيسرين في الدنيا وفي الدارين ، وما عند الله خير وأبقى.
والمعية هنا (مَعَ الْعُسْرِ) : توحي بواقع اليسرين حال عسرهما ، أما يسر
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٦٠٣ عن بصائر الدرجات عن الصادق (ع) في الآية قال : ولاية أمير المؤمنين (ع).
(٢) الاحتجاج عن الامام الحسين (ع) في حديث : فلا تتم الشهادة إلا أن يقال : اشهد أن لا إله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله ينادى على المنار ، فلا يرفع صوت بذكر الله عز وجل إلا رفع بذكر محمد (ص) معه.
(٣) الدر المنثور ٦ : ٣٦٤ ـ ابو سعيد الخدري عنه (ص) عن جبرائيل ان ربك يقول :
(٤) رويت عنه مستفيضة كما في الدر المنثور والطبري والبرهان ونور الثقلين على سواء.