كما ويصرح بشمول الطعام لكل مأكول : (.. لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ) (٢ : ٦١) : ولو كان هو البركان واحدا ، فالقيد بالواحد إذا زائد! (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٦٩ : ٣٦) : فيشمل كلّ مشروب أيضا فطعامهم وشرابهم حلّ ، وكذا صيد البحر : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) (٥ : ٩٦) .. فلو صاده كتابي وطبخه كان حلا كما هو حل من المسلم.
وإذ نرى روايات ، كأنها تخص الطعام بالبر والحبوب ، فهي لا تعني إلا إخراج اللحوم ـ كما يقول الإمام جعفر الصادق عليه السّلام : عني بطعامهم ها هنا الحبوب والفاكهة ، غير الذبائح التي يذبحونها فإنهم لا يذكرون اسم الله خالصا على ذبائحهم ، ثم قال عليه السّلام : والله ما استحلوا ذبائحكم فكيف تستحلون ذبائحهم (١).
ثم إن تطهير طعام أهل الكتاب وتحليله ، لو عني به البر وأمثاله من اليابس ، فهو تحليل للحلال وتطهير للطاهر ، وما من أحد يظن أن الطعام اليابس الطاهر ينجس بمجرد أنه للكتابي ، أو يلمسه بيده ، فليعن الطعام الذي تمسه يده برطوبة أو هو مرطوب.
هذا وكما السنة القطعية متضافرة على طهارة أهل الكتاب ، الذاتية (٢) بمعنى أنه لو لم تكن عليه نجاسة عرضية بالفعل ، ولم تسبقه النجاسة ، غير المتأكّد من تطهيرها ، كان محكوما بالطهارة ، فإذا علمنا أن كتابيا تنجس وتطهر ، ولم نعلم
__________________
(١) نور الثقلين ج ١ ص ٤٩٢.
(٢) كصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال : قلت للرضا (ع) الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة ، قال (ع) : لا بأس ، تغسل يديها(وسائل الشيعة ج ٢ ص ١٠٢ ح ١١) .. فلقد كان الدافع لهذا السؤال أنها لا تتوضأ ولا تغتسل ، لا إنها نصرانية ، فجاء : إنها تغسل يديها ، والروايات المانعة عن مؤاكلتهم توحي إلى لزوم تجنبهم ما أمكن لا أنهم نجسون كسائر النجس.