النبوة ولا وحي الإلهام ، ولا وحي الغريزة ، وإنما وحي في تكوينها ، ورمز في كيانها الذي يجهله من سوى الله والراسخين في العلم.
فيا للأرض من مسجلة سرية حافظة لما يحصل عليها ، ثم لا تتحدث عنها إلا عند قيامتها ، تسجل وتحدث خلاف سائر المسجلات والأسطوانات ... فإنها تسجل طوال حياتها دون أن تحدث جهارا حالها ، ثم تحدث بما سجلت عند احتضارها وموتها ، مؤدية أماناتها بكاملها!.
فهل إن بالإمكان أن تبقى صور الأعمال وأصوات الأقوال وحالات الأفكار ليوم تشخص فيه الأبصار؟ .. أجل وكما صرحت به آيات بينات من الذكر الحكيم ، في هذه السورة وسواها ، وصدقها العلم.
كان الناس لا يصدقون ، قبل صناعة التلفزيون والراديو والمسجلة وأشباهها ، من المسجلات للصور والأصوات ، كانوا لا يصدقون هامة انعكاس الأعمال يوم القيامة ، فكان الكافر والشاك ينكر ويستهزأ ، وكان المؤمن يتحير ويؤوّل ، لكنما العلم خدم هذه الملحمة الغيبية القرآنية بجنب أمثالها ، وعلى حد تعبير الصحابي الكبير ابن عباس «إن للقرآن آيات متشابهات يفسرها الزمن» فلقد فسر الزمن هامة انعكاس الأعمال المصرح بها في آيات عدة:
(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ. فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) :
أجل : ليروا أعمالهم ، لا جزاء الأعمال فحسب ، بل الأعمال نفسها أيضا ، عذابا فوق العذاب.
إن المؤمن يوم الدنيا في غفلة واحدة عن عملية مسجلتنا الأرضية ، إلا من