(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) :
لحب الخير ، لا الصالح ، إنما الذي يراه خيرا في حيونة الحياة ، ملائما في تلك الحياة اللئيمة المشؤومة ، دون ما يصلح الإيمان ، وما هوا بدافع الإيمان.
هذه فطرة الإنسان وطبيعته ما لم يخالط قلبه الإيمان ، فيغير من تصوراته وقيمه واهتماماته ، ويحيل كنوده ، اعترافا بفضل الله ، شكرانا بالكفران.
إنه يظل مرتكسا في حمأة الأرض سجينا ، في سجن اللذات ، ما لم يتحرر عن حب الذات ، إلى حب خالق الذوات واللذات.
فيا للإنسان من غفلة غمرت عقله ، ومن غفوة سترت لبّه :
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ):
إذا بعثر ما في القبور من أجسادهم الجهنمية «ما» * لا «من» * لأنهم خرجوا عن كونهم إنسانا إلى حيوان ، فلا يحق لهم التعبير بما يخص ذوي العقول : «من» * ..
فهناك بعثرة القبور : (وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) وبعثرة ما في القبور : بدن الإنسان الكنود ، ثم تحصيل وإحصاء وتحضير لما في صدورهم ، من الأسرار الشريرة التي ضنت بها ، ومن الأهداف الشهوانية التي أظهرتها وتجاهرت بها ، فالصدور هي مخابئ الأفكار ، وحصالة التصاميم المتحللة عن ثفالاتها ، ثم هي مخابئ القلوب : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).
حصّل ما في الصدور واقعيا وشهودا عليها لتضطرهم إلى الإقرار : (أَفَلا