لا أنه أكبر من كل شيء ، فلا كبير بجنب الله حتى يوصف بأنه أكبر منه ، إنما أكبر من أن يوصف إلا كما وصف به نفسه ف (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ. إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ).
إذ ذاك فليوجه العبد بكل وجوهه اليه ، كما ويوجه وجهه الظاهر إلى بيته الحرام.
إذا فليعرض عما سواه إعراضا تاما لكي يتمكن من هكذا إقبال اليه ، ورفع اليدين ـ كما وصفناه ـ إشارة اليه : أعرضت عما سواك داحرا لها خلفي ، وجهت وجهي إليك دون حجاب إلا ذاتك المحجوبة عن خلقك ، فكما أنه تعالى لم يبق نعمة إلا وأنعمها عليك ، فعليك ألا تبق ممن سواه إلا وتدحره وتقبل إلى الله ، هكذا صلاة هي التي تحق لهذه العطية الربانية.
(إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) :
إنه الأبتر عن كل ما لك من الكوثر ، وقد صدق وعد الله له وعليهم ، أن عدوه الشانئ الشائن انقطع عن خيرات الدنيا والآخرة ، فقد انقطع ذكرهم وانطوى إلا عن أمواج من السب والعدى ، بينما امتد ذكر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وعلا! وقد يشمل النحر هنا نحر الإبل ضحية ، إشارة إلى أنني أفدي بنفسي لله ، بعد ما فنيت عنها في الاتجاه إلى الله ، ولكنما الانتحار محرّم في شريعة الله ، إذا فنحر الإبل تقوم مقامه كذكرى.
مسيلمة الكذاب يعارض فيما يعارض ـ هذه السورة قائلا : «إنا أعطيناك الجماهر. فصل لربك وجاهر إن مبغضك رجل كافر» كلمات هي أشبه بالهذيان : بين مأخوذة من الكوثر (إِنَّا أَعْطَيْناكَ ـ فَصَلِّ لِرَبِّكَ) وبين ما لا يحمل منقبة «... الجماهر» إذ لا منقبة في وجود الجماهر. فجماهر الشيطان أكثر من