يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ) (٥ : ٥٢).
ولقد كان المؤمنون يرجون هكذا فتح وانتصار ، يرددون رجاءه وبشراه ليل نهار : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٦١ : ١٣) .. ولقد خص الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم برده إلى معاده : مولده وموطنه ، لأنه فرض عليه القرآن : أم الكتاب الذي يجب أن ينشر من أم القرى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) (٢٨ : ٨٥).
بشارات تتخلل في طيات الهجرة ، إلى أن قرب الوعد ونزلت سورة النصر بعد سورة الفتح وآيات الفتح ، ثم تحقق الفتح ونزلت آياته وآيات بعدها تندّد بمن كانوا يعدون أنفسهم الحسنى لو جاء الفتح ، وأن يخرجوا من الشكوك ومن طالح الأعمال ولم يفعلوا : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ. إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) (٨ : ١٧ ـ ١٩).
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) :
لقد كانت للنبي الأقدس فتوح بعد الهجرة ، ليست معنيّة هنا إلا أعظمها وأهمها ، كأنه الفتح ليس إلا ، وإنه فتح مكة المكرمة ، إذ لم يكن دخول الناس في دين الله أفواجا إلا عنده لا سواه ، ولذلك سمّي فتح الفتوح ، وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حينه : لا هجرة بعد الفتح ولكن