جهاد ونية (١).
وهذا وعد دائب للذين ينصرون دين الله أن الله هو ناصرهم في دينه من قريب أو من بعيد : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).
نصرة في الطاقات الحربية والانتصارات المعنوية معا ، وكما نراه في حرب بدر كيف غلبت جنود المسلمين وهم ٣١٣ شخصا على قلة من العدة والعدة ، على ٠٠٠ ، ١٠ شخصا من المشركين على كثرتهما لهم.
نصر وفتح :
نصر يعقبه الفتح ، ليس لأن الله يريدهما دونما شرط ، ولا لأن النبي والمؤمنين يريدونه دونما تأييد إلهي ، إنما هما بينهما : استعداد بشري ، فإعداد إلهي.
نصر الله : لبروز حجته وظهور برهانه ، وفتح الله للقلوب المقلوبة ، فتحها الله بالرسول الأقدس إذ أضاء عليها بأضواء الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ولو لا هذا الفتح الأول لم يكن للثاني : ـ دخول الناس في دين الله أفواجا ـ من معنى.
ثم نصر ثان وفتح ثان : أن انتصر المسلمون تحت الراية المحمدية على الوثنيين المحتلين بلد التوحيد ، اضطرهم للإسلام أو الاستسلام ، إسلام عن حجة مسبّقة واستسلام عن حجة دامغة بالغة ، دون أن يكون هناك إكراه في الدين :
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٤٠٦ ، أخرجه الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : .. والأحاديث مستفيضة أن سورة النصر كانت سورة النعي ، وكما أخرج الخطيب وابن عساكر عن علي (ع) قال : نعى الله لنبيه (ص) حين أنزل عليه : إذا جاء نصر الله والفتح ، سنة ثمان بعد مهاجر رسول الله (ص) فلما طعن في سنة تسع من مهاجره تتابع عليه القبائل تسعى فلم يدر متى الأجل ليلا أو نهارا ، فعمل على قدر ذلك ، فوسع السنن وشدد الفرائض ، وأظهر الرخص ، ونسنح كثيرا من الأحاديث وغزا تبوك وفعل فعل مودع (ص ٤٠٧).