(لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) وإنما الإكراه في الاستسلام : قبول الإسلام ظاهريا لمن ليس يقبله ، رغم براهينه الساطعة : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا).
.. فهذه تهمة ووقاحة من أعداء الإسلام : أنه دين السيف والقوة ، وليس دين الحجة ، لا لشيء إلا أن رسول الإسلام دافع عن نفسه وأنفس المؤمنين بالقوة ، ابتداء من الهجرة ، بعد أن ذاق وذاق المسلمون المهاجرون ألوان الأذى والبلاء طوال ثلاث عشرة سنة في مكة المكرمة.
إنه دافع كما يجب إنسانيا وفي الشرائع الإلهية ، وكما النبيون أجمع أمروا بالجهاد ، فمنهم من وجد أنصارا كموسى وداود وسليمان وشعيب ويوشع (ع) وأضرابهم ، إذ حاربوا حروبا دامية (١) ، ومنهم من لم يجد أنصارا رغم استعداده للحرب كالسيد المسيح (ع) (٢).
__________________
(١) كما في سفر الاعداد ٣١ : ٧ ـ ١٧ والتثنية ٢ : ٢٤ ـ ٣٤ و ٢٠ : ١ ، ٢ ، ٥ ، ٨ ، ١٠ ـ ١٤ و ٢١ : ٢٤ وسفر الخروج ١٧ : ٨ ـ ١٦ .. وأغلب الفصول من كتاب يوشع وأول تواريخ الأيام الفصل ٢٧ والتكوين ١٥ : ١٨.
(٢) السيد المسيح والحرب : ففي إنجيل متى الفصل ١٠ ، الآية : ٣٤ : «لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا».
وفي لوقا (١٢ : ٤٩ ـ ٥٠): «جئت لألقي نارا على الأرض. فما ذا أريد لو اضطرمت. ولي صبغة أصطبغها وكيف أنحصر حتى تكمل. أتظنون أني جئت لأعطي سلاما على الأرض؟ كلا! أقول لكم : بل انقساما».
وفي لوقا (٢٢ : ٣٦): «فقال لهم : لكن الآن من له كيس فليأخذه ومزود كذلك ، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتري سيفا».
هنا وهناك يأمر المسيح بالحرب والدفاع ، ثم في الآية ٤٩ يأمر بالضرب : «فلما رأى الذين حوله ما يكون قالوا : يا رب! أنضرب بالسيف؟ وضرب واحد منهم عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى ..».
وهكذا نرى السيد المسيح كيف استعد للحرب الدفاعية ، وقد فشل إذ فشل أنصاره ، فناموا بدل أن يقوموا بالسيف!.