الواحد ، ولم يوصف الله تعالى ب «أحد» * إلا هنا ، وأما الواحد فكثير ، والأحد في توصيف الله يشمل كافة الوحدات الحقة في الذات المقدسة الإلهية ، وحدات لا كثرة فيها ، وليست عن عدد ، ولا في عدد ، ولا بتأويل عدد ، ولا بعدد ، على حد تعبير الإمام أمير المؤمنين علي عليه السّلام ، فما سوى الله لا توجد فيه وحدات إلا كهذه التي هي كثرات :
فالإنسان ـ مثلا ـ واحد عن عدد : من الآباء والأمهات ، وعن عدد من العناصر وعن ..
وواحد في عدد : لأنه مركب من مليارات الأجزاء ، لا يتمكن أن يتحلل عنها فيتوحد في جزء لا أجزاء له ، إلا أن يتحلل عن الوجود.
وواحد بعدد وبتأويل عدد ، تأويل المأخذ المسبّق ، وتأويل الحال الحاضرة ، وتأويل المستقبل ، فإنه سوف يتعدد في أولاده وأحفاده الذين ينفصلون عن صلبه ، وكما كان متعددا منبثّا في الأصلاب والأرحام وهو الآن في عدد.
ولكن الله تعالى ليست وحدته عن عدد ، لم يكن متعددا ثم توحّد ، إذ لم يولد ، ولا في عدد : لا أجزاء لذاته المقدسة ، ولا بتأويل عدد : إذ لم يلد ... إنه واحد أزليا ، وواحد أبديا ، وواحد ذاتيا ، وواحد صفاتيا ، وواحد أفعاليا وواحد .. وإنه أحدي كما نجده في جواب الإمام علي عليه السّلام عن سؤال الأعرابي في حرب الجمل (١) فكالتالي :
__________________
(١) التوحيد بالإسناد : ان أعرابيا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين (ع) فقال : يا أمير المؤمنين! أتقول : ان الله واحد؟ قال : فحمل الناس عليه وقالوا : يا اعرابي! أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب؟ فقال أمير المؤمنين (ع) : دعوه ، فإن الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم ـ ثم قال : يا اعرابي! ان القول في أن الله واحد على أربعة أقسام : فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل ، ووجهان يثبتان فيه ، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل : واحد ـ يقصد به باب الأعداء ، فهذا ما لا يجوز ، لان ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد ، ألا ترى انه كفر من قال : ثالث ثلاثة؟ وقول القائل هو واحد من الناس يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز عليه ، لأنه تشبيه ، وجل ربنا عن ذلك وتعالى .. وأما ـ