«وعدل حركاتها» : إن لأرضنا هذه حركات متداخلة استحقت بها اسم الراجفة ، أنهى علماء معرفة الأرض حركاتها إلى أربعة عشر ، وعلها أزيد.
.. هذه هي الرجفة المعمّرة ، ثم ترجف رجفتها المدمّرة ، رجفة الإماتة ، ثم الرجفة الرادفة هي رجفة الإحياء (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ).
أجل إن الراجفة هي التي ترجف ، لا الجامدة ، وما أحلى وأجلى هذا الاسم فيما كانت البشرية تنكره من حركات الأرض ، فللقرآن متشابهات يفسرها الزمن.
إن للأرض ـ عند قيامتها ومن عليها ـ نفختان وصيحتان ورجفتان ، كلّ رجفة إثر نفخة وصيحة ما لها من فواق ، ونتاجها زجرة إلى الساهرة أرض العرض والحساب.
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ. أَبْصارُها خاشِعَةٌ) :
وجفة لقلوب مقلوبة تتبع رجفة الأرض : حين الإماتة وحين الإحياء ، والوجفة هي سرعة السير والحركة ، فهي حراك في اضطراب لقلوب ، تلي رجفتي الأرض.
جوّ راجف وقلب واجف مبهور مذعور ، وجفة من الرجفة التي تنقلهم إلى الساهرة : أرض الحساب والعقاب ، وهناك ترى :
(أَبْصارُها خاشِعَةٌ) : أبصار القلوب وهي البصائر ، تتبعها أبصار العيون : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) (١٤ : ٤٢).
هذه هي القلوب المقلوبة المذعورة تتقلب يومذاك بأبصارها : (يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٣٤ : ٣٧)
«رب هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك» (علي عليه السّلام).