فدعى عبد الله بن الزبير رضياللهعنه خمسين رجلا من وجوه الناس وأشرافهم وأشهدهم على ذلك الأساس ، وأدخل عبد الله بن المطيع العدوي عتلة كانت بيده في ركن من أركان البيت فتزعزعت الأركان كلها فارتجّ جانب البيت ورجفت مكة بأسرها رجفة شديدة ، وطار منه برقة فلم يبق دار من دور مكة إلا دخلت فيه ففزعوا ، وجعل عبد الله رضياللهعنه على تلك القواعد سورا فطاف الناس من ورائه حتى بنى عليها وارتفع البناء ، وزاد ارتفاعها على ما كانت من بناء قريش تسعة أذرع ، فكانت سبعا وعشرين ذراعا ، وكانت سبعة وعشرين مدماكا ، وعرض جدرانها ذراعان ، وجعل فيها ثلاث دعائم ، وكانت قريش في الجاهلية جعلت فيها [ست](١) دعائم ، وأرسل ابن الزبير إلى صنعاء (٢) فأتى برخام منها يقال لها : البلق فجعلها في الروازن (٣) الذي في السقف لأجل الضوء. ذكره الحلبي والقرشي (٤).
قلت : وفي زماننا لم توجد هذه الروازن بل سدت. انتهى.
__________________
(١) في الأصل : ستة.
(٢) صنعاء : منسوبة إلى جودة الصنعة في ذاتها ، والنسبة إليها صنعاني. قال أبو القاسم الزجاجي : كان إسم صنعاء في القديم أزال ، وبين صنعاء وعدن ثمانية وستون ميلا ، وصنعاء قصبة اليمن وأحسن بلادها ، تشبه بدمشق لكثرة فواكهها وتدفق مياهها فيما قيل ، وقيل : سميت بصنعاء بن أزال بن يقطن بن عابر بن شالخ ، وهو الذي بناها (معجم البلدان ٣ / ٤٢٥ ـ ٤٢٦).
(٣) في هامش الأصل : قوله : الروذان أي : الرستاق كما في القاموس. وعبارته : الرذانات : الرساتيق.
والروازن : فتحات مربّعة لإدخال النور إلى داخل الكعبة ، وهي موزّعة ، منها : روزنة حيال الركن الأسود ثم بقية الأركان ، غير أن الرابعة حيال الأسطوانة الوسطى (معجم الكلمات الأعجمية والغريبة للبلادي ص : ٥٥).
(٤) السيرة الحلبية (١ / ٢٧٦) ، والبحر العميق (٣ / ٢٦٤ ـ ٢٦٦).