قال الحلبي في السيرة النبوية : وبناها على مقتضى ما حدثته به خالته عائشة رضياللهعنها فأدخل فيها الحجر أي : لأنه يجوز أن يكون إدخال الحجر هو الذي سمعه من عائشة رضياللهعنها فعمل به دون غير ذلك من الروايات المتقدمة الدالة على أن الحجر ليس من البيت ، وإنما منه ستة أذرع [وشبر ، أو قريب](١) من سبعة أذرع ، وفيه أن هذا ـ أي قوله : فأدخل فيه الحجر ـ هو الموافق لما تقدم أن قريشا أخرجت منها الحجر ، وهو واضح إن وجد الأساس خارجا عن جميع الحجر ، وأما إذ لم يكن خارجا عن الحجر كيف يتعداه ولا يبني اعتمادا على ما حدثته به خالته ، وجعل عبد الله بن الزبير رضياللهعنه خلفا ـ أي بابا من خلفها ـ وألصقها بالأرض كالمقابل له.
قال : ولما ارتفع البناء إلى مكان الحجر الأسود وكان وقت الهدم وجد مصدوعا بسبب الحريق من ثلاثة أماكن كما تقدم ، فشدّه بالفضة ثم جعله في ديباجة وأدخله في دار الندوة. فلما وصل البناء إلى محله أمر ابنه حمزة وشخصا آخر أن يحملاه ويضعاه محله. وقال : إذا [وضعتماه](٢) وفرغتما ، فكبروا حتى أسمعكما فأخفّف صلاتي ، فإنه صلى بالناس بالمسجد الحرام اغتناما ليشغلهم عن وضعه لما أحس منهم بالتناقض في ذلك ، أي : إذ كل واحد يود أن يضعه ، وخاف الخلاف ، فلما كبر تسامع الناس بذلك ، فغضب جماعة من قريش حيث لم يحضرهم ، وجعل عبد الله بن الزبير رضياللهعنه طول الباب أحد عشر ذراعا والباب الآخر
__________________
(١) في الأصل : أو شبرا أو قريبا. والتصويب من السيرة الحلبية (١ / ٢٧٧).
(٢) في الأصل : وضعتموه. والتصويب من المرجع السابق.