عبد الملك بأن عبد الله بن الزبير رضياللهعنه وضع البناء على أس قد نظر إليه العدول من أهل مكة وهم خمسون رجلا من وجوه الناس وأشرافهم كما تقدم ، فكتب إليه عبد الملك : لسنا من تخبيط ابن الزبير في شيء ، فنقض الحجّاج ما أدخل من الحجر وسدّ الباب الثاني الذي في ظهر الكعبة عند الركن اليماني ، ونقص من الباب الأول خمسة أذرع ، أي : ورفعه إلى ما كان عليه في زمن قريش فبنى تحته أربع أذرع وشبرا ما خلا العتبة ، وبنى داخلها الدرجة الموجودة اليوم.
وفي لفظ : أن الحجّاج لما ظفر بابن الزبير كتب إلى عبد الملك بن مروان : أن ابن الزبير زاد في الكعبة ما ليس فيها ، وأحدث فيها بابا آخر واستأذن رد ذلك على ما كانت عليه زمن الجاهلية فكتب إليه عبد الملك أن يسد بابها الغربي ، ويهدم ما زاد فيها من الحجر ، ففعل ذلك الحجّاج فسائرها قبل وقوع الهدم بالسيل في سنة تسع وثلاثين ـ بتقدم التاء ـ بعد الألف بنيان ابن الزبير رضياللهعنه ، إلا الجدار الذي يلي الحجر ـ بكسر الحاء ـ فإنه من بنيان الحجّاج ، أي : والبناء الذي تحت العتبة وهو أربعة أذرع [وشبر](١) ما خلا العتبة فإن باب الكعبة كان في زمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام والعمالقة وجرهم لاصقا بالأرض حتى رفعته قريش كما تقدم ، وما سدّ به الباب الغربي والردم كان بالحجارة التي كانت داخل أرض الكعبة ـ أي : التي وضعها عبد الله بن الزبير رضياللهعنه ـ. أي : ولعله إنما وضع في ذلك المحل الحجارة التي تصلح للبناء. ذكره الحلبي (٢).
ثم قال : فلا ينافي ما أخبرني به بعض الثقات أن بعض بيوت مكة كان
__________________
(١) في الأصل : وشبرا. والتصويب من السيرة الحلبية (١ / ٢٨٣).
(٢) السيرة الحلبية (١ / ٢٨٢ ـ ٢٨٣).