والنهار نحو ألف إنسان ، وبات تلك الليلة السيل بالمسجد إلى الصبح ، ودخل البيوت ، وأخرج (١) أمتعة العالم إلى أسفل مكة ، وبلغ الماء في الحرم إلى طوق القناديل (٢).
وكان ابتداء المطر في الساعة الثانية من اليوم المذكور ، وما زال المطر يكثر ويقل إلى قبل العصر فاشتدّ ، ونزل مع المطر برد كثير.
قال ابن علان : وذكر لي بعض الناس أنه ذاق ماء ذلك البرد فكان مالحا أو مرّا. ولما أن أصبح الصباح ثاني يوم المطر نزل مولانا الشريف وأمر بفتح سرب باب إبراهيم بحضرته ، وخرج الماء إلى أسفل مكة. فلما كان عصر يوم الخميس قبيل المغرب نهار عشرين من شعبان سقط الجانب الشامي من الكعبة بوجهيه ، وانحدر من الجدار الشرقي إلى حد الباب ، ومن الغربي من الوجهين نحو السدس ، والذي سقط من الجانب الشامي هو الذي بناه الحجّاج بن يوسف الثقفي ، وكانت لها وقعة عظيمة مهيلة. فنزل مولانا الشريف وأمر بالتنظيف وإفراز الحجارة بعد أن رفع الميزاب وما وجد من قناديل (٣) الذهب المعلقة ، وكانت عشرين قنديلا (٤) أحدها مرصع باللؤلؤ وغيره (٥) من المعادن ، ووضعت في بيت الشيخ جمال الدين بن أبي
__________________
(١) في الأصل : وخرج.
(٢) انظر هذا الخبر نقلا عن ابن علان كما أورده السنجاري في تاريخ الكعبة المعظمة لباسلامة (ص ١٣١) ، أما في إتحاف فضلاء الزمن (٢ / ٤٦) ، وسمط النجوم العوالي (٤ / ٤٣٤) ، فورد فيهما : أن عدد القتلى كان نحو خمسمائة إنسان.
(٣) في الأصل : القناديل.
(٤) القنديل : هو مصباح كالكوب في وسطه فتيل يملأ بالماء والزيت ويشعل (المعجم الوسيط ٢ / ٧٦٢).
(٥) في الأصل : وغيرها.