الذي لا يخفى عليهم مثل ذلك لو وقع ؛ فمن ذلك ما نقله ابن القاسم صاحب مالك رحمهالله في [كتاب](١) النذر من المدونة عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضياللهعنه ونصه : وأعظم مالك أن يشرك مع الحجبة في الخزانة [أحد](٢) ؛ لأنها ولاية من النبي صلىاللهعليهوسلم إذ دفع المفتاح لعثمان بن أبي طلحة. انتهى (٣).
قال القاضي عياض في التنبيهات : الخزانة : أمانة البيت. انتهى.
فالشريف النسابة يقول : إنه درج عقبهم في زمن هشام بن عبد الملك ، وقد مات هشام في ربيع الآخر سنة [خمس](٤) وعشرين ومائة ، وصريح كلام مالك أنهم موجودون في زمنه ، وقد عاش مالك إلى سنة [تسع](٥) وسبعين ومائة ، ولا شك أنه أدرك زمن هشام بن عبد الملك فإنه رضياللهعنه ولد بعد التسعين في المائة الأولى. فلو وقع ذلك في زمن هشام لما خفي على مالك ؛ لأن مثل هذا الأمر مما تتوفر الدواعي إلى نقله فلا يخفى على العوام فضلا عن العلماء ، ولو وقع ذلك لتنازعت قريش في ذلك وكانوا أحق به من غيرهم ، ولنقل ذلك المؤرخون في كلامهم وكتبهم ولم نقف عليه في كلام واحد منهم ، بل الموجود في كلامهم خلافه كما سنقف عليه ، وقد تلقى أصحاب مالك جميعهم ما ذكرناه عنه بالقبول ونقلوه في متونهم وشروحهم ، ولم ينكر أحد منهم ، بل نقله عن مالك جماعة من العلماء من غير أهل مذهبه ، وتلقوه كلهم بالقبول.
__________________
(١) في الأصل : كتابه.
(٢) في الأصل : أحدا.
(٣) المدونة الكبرى (٢ / ٤٧٩ ، ٣ / ٩٢).
(٤) في الأصل : خمسة.
(٥) في الأصل : تسعة.