وأمر أبو جعفر المنصور بعمارة منارة هناك ، فعملت واتصل عمله في أعلا المسجد بعمل الوليد بن عبد الملك ، وكان عمل [أبي](١) جعفر طاقا واحدا بأساطين الرخام دائرا على صحن المسجد ، وكان الذي زاد فيه قدر الضعف مما كان قبله وزخرف المسجد بالذهب وأنواع النقوش ورخّم الحجر ، وهو أول من رخّمه كما تقدم ، وكان ذلك العمل كله على يد زياد ، وفرغ من عمل ذلك في عامين ، وقيل : ثلاثة ، وكان ابتداء العمل في سنة مائة [وسبع](٢) وثلاثين ، وكتب على باب بني جمح أحد أبواب المسجد الحرام من جهة الصفا : بسم الله الرحمن الرحيم محمد رسول الله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) [آل عمران : ٩٦]. أمر عبد الله أمير المؤمنين بتوسعة المسجد الحرام وعمارته والزيادة فيه نظرا منه للمسلمين واهتماما بأمورهم ، والذي زاده فيه الضّعف مما كان عليه قبل ، وفرغ منه ورفعت الأيدي منه في ذي الحجة سنة أربعين ومائة وذلك بتيسير الله على أمير المؤمنين وحسن معونته وإكرامه له بأعظم كرامة ، فأعظم الله أجر أمير المؤمنين فيما نواه من توسعة المسجد الحرام وأحسن ثوابه ، وجمع الله لديه خير الدنيا والآخرة وأعزّ نصره وأيده. انتهى.
ثم زاد فيه المهدي العباسي ثالث الخلفاء من بني العباس ، وذلك أنه لما حج في سنة ستين ومائة ـ كما في درر الفرائد (٣) اه ـ فرّق أموالا عظيمة
__________________
(١) في الأصل : أبو.
(٢) في الأصل : سبعة.
(٣) درر الفرائد (ص : ٢١٥).