وقال أيضا (١) : عمّر الوليد المسجد الحرام ونقض عمل عبد الملك وعمله الوليد عملا محكما ، وكان إذا بنى المساجد زخرفها ، وهو أول من نقل الأساطين الرخام إلى المسجد الحرام وسقّفه بالساج المزخرف ، وجعل على رأس الأساطين صفائح الذهب ، وأزّر المسجد بالرخام ، وجعل للمسجد [شرافات](٢).
ولم يعمر المسجد الحرام بعد الوليد بن عبد الملك ولم يزد فيه ، حتى كان أبو جعفر المنصور (٣) فأمر بالزيادة في المسجد الحرام فزيد في شقة الشامي الذي يلي دار الندوة وزاد في أسفله إلى أن انتهى إلى المنارة التي في ركن باب بني سهم الذي يقال له اليوم : باب العمرة ، ولم يزد في الجانب الجنوبي لاتصاله بمسيل الوادي ، ولصعوبة البناء فيه وعدم ثباته إذا قوي السيل عليه ، ولذلك لم يزد في أعلا المسجد ، واشترى من الناس دورهم وأدخلها في المسجد. وكان الذي ولي عمارة المسجد الحرام من قبل أبي جعفر زياد بن [عبيد الله الحارثي](٤) كان من شرطة عبد العزيز بن عبد الله بن مسافع بن عبد الرحمن الشيبي ، وكان زياد أجحف بدار شيبة بن عثمان وأدخل أكثرها في الجانب الأعلى من المسجد ، فتكلم مع زياد في أن يميل عنه قليلا ففعل ، فكان في هذا المحل ازورارا في المسجد ، أي : قبل تربيع المهدي العباسي له. وأما الآن فهو مربّع كما يأتي إن شاء الله.
__________________
(١) الأزرقي (٢ / ٧١ ـ ٧٤).
(٢) في الأصل : سرادقات. والتصويب من الأزرقي (٢ / ٧٢).
(٣) في هامش الأصل : استطراد : أول من نقّط المصحف وشكّله ، يقال : إن أول من أمر به عبد الملك فتصدى لذلك الحجاج وهو بواسط فأمر الحسن البصري وسمي بن يعمر ففعلا ذلك. وأما كتابة الأعشار على الحواشي نسب إلى الحجاج. اه أوائل السيوطي.
(٤) في الأصل : عبد الله الحارث. والمثبت من الأزرقي (٢ / ٧٢).