جنبها الشمالي ، وبابا بطاق في جنبها الغربي ، وأقيمت أرواقها وسقفت من جوانبها الأربعة ، وكان سقفها على أساطين من خشب الساج ، وجعل لها منارة وفرغ من عمارتها في [ثلاث](١) سنين إلا أنها ما استمرت على هذه الحالة بل غيّرت بعد قليل إلى وضع أحسن من وضع المعتضد ، وكان ذلك الوضع بعد المعتضد.
قال الفاكهي في كتاب مكة : إن أبا الحسن محمد بن نافع الخزاعي قال في تعليق له : إن قاضي مكة محمد بن موسى لما آل إليه أمر البلد ـ أي : مكة ـ جدّد بناء زيادة دار الندوة ، وغيّر الطاقات التي كانت فتحت في جدار المسجد الكبير وجعلها [متساوية](٢) واسعة ، بحيث صار كل من في زيادة دار الندوة من مصلّ ومعتكف وجالس يمكنه المشاهدة للبيت ، وجعل أساطينها حجرا مدورا منحوتا ، وركّب عليها سقف الخشب الساج منقوشا ، وعقودا مبنية بالآجر (٣) والجص ، وأدخل هذه الزيادة بالمسجد الكبير فصار أحسن من الأول ، وجدد شرافاتها (٤) ، وكان عمل ما ذكر في
__________________
(١) في الأصل : ثلاثة.
(٢) في الأصل : مساوية. والتصويب من الإعلام.
(٣) الآجر : هو اللبن المحروق ، ويعرف أيضا بالطّوب. قيل إنها لغة مصرية قديمة (المعجم الوسيط ٢ / ٥٦٩).
(٤) الشرافات : هي ما يوضع في أعلى البناء تحلية ، وتأتي أمام مورقة بشكل زهرة ، وهي لهذا أكثر الأشكال استعمالا ، أو مسننة التي استعملت في أسطح المساجد والمآذن ، وكان لهذه الشرافات قديما وظيفة حربية ، حيث كانت تقوم في أعلى الحصن أو السور بعمل المزغلة التي تمكن من رؤية العدو لتسديد النبال عليه والحماية للمدافع. والشرافات من الزخارف الساسانية المعمارية التي انتقلت إلى الفن الإسلامي ، عرفت منذ العصور القديمة في فارس والعراق وأواسط آسيا حيث استخدمت في الأطراف العليا للعمائر (انظر : المعجم الوسيط ١ / ٤٨٠ ، والعمارة العربية في مصر الإسلامية عصر الولاة ١ / ١٨١ ، وتاريخ العمارة ٢ / ٢٦٣ ، والعمارة والفنون في دولة الإسلام ص : ٢١٦).