ويتأيد بقوله تعالى : (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) [الحج : ٢٥] ، وقوله تعالى : (وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الفتح : ٢٥] ، وكان المشركون صدّوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عن الحرم عام الحديبية ، فنزل خارجا عنه.
وقيل لعطاء : هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم ، قال : بل في الحرم كله.
والثاني : مسجد الجماعة : وهذا الذي يحرم على الجنب المكث فيه ، واختاره ابن جماعة ، والظاهر من كلام الأصحاب فإنهم قالوا : التفضيل مختص بالفرائض ، وأن النوافل في البيوت أفضل من المسجد ، فجعلوا حكم البيوت غير حكم المسجد ، ويتأيد بما تقدم من قوله صلىاللهعليهوسلم : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام» ، والمراد بمسجده : مسجد الجماعة ، فينبغي أن يكون المستثنى كذلك.
والثالث : إنه مكة ، ويتأيد بقوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الإسراء : ١] ، وكان ذلك من بيت أم هانئ على بعض الروايات.
ونقل الزمخشري في الكشاف (١) في تفسير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [الحج : ٢٥] عن أصحاب أبي حنيفة : أن المراد بالمسجد الحرام : مكة. قال : واستدلّوا به على امتناع بيع
__________________
(١) الكشاف (٣ / ٢٩).