وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من دخل مكة فتواضع لله عزوجل [وآثر](١) رضاه على جميع أموره لم يخرج منها حتى يغفر له» (٢). الرواية للحاكم (٣).
وفي المشكاة عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث الجيوش إلى مكة : أتأذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلىاللهعليهوسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به ، حمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن مكة حرّمها الله تعالى ولم يحرّمها الناس ، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيها فقولوا له : إن الله أذن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد منكم الغائب. فقيل لابن شريح : ما قال لك عمرو؟ قال : إنه أعلم بذلك منك يا أبا شريح ، إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بخربة. متفق عليه (٤).
وفي البخاري : الخربة : الجناية. ذكره القرشي.
وحاصل المسألة : أن في مذهب المالكية تردد بين العلماء في جواز القتال في الحرم والتردد في مكانه قولين : فقيل بجواز القتال للحاضر غير البادي مطلقا ، كافرا أو مسلما ، بمكة أو بالحرم ، أي : حصار الناس في الحج والعمرة ، وأن أهل مكة إذا بغوا على أهل العدل ولم يكن ردهم إلا بالقتال جاز قتالهم عند ابن هارون وابن فرحون ، وعليه أكثر الفقهاء أن قتال البغاة
__________________
(١) في الأصل : وإيثار. والتصويب من أخبار مكة.
(٢) أخرجه الفاكهي (٢ / ٣١٤ ح ١٥٧٣). وذكره السيوطي في الجامع الكبير (١ / ٧٧٦) وعزاه للديلمي.
(٣) لم أقف عليه في المستدرك.
(٤) أخرجه البخاري (٢ / ٦٥١) ، ومسلم (٢ / ٩٨٧).