باتفاق أن موضع قبر النبي صلىاللهعليهوسلم أفضل بقاع الدنيا ، ومكة والمدينة بعد أفضل من جميع الدنيا ، ثم اختلفوا أن مكة أفضل أم المدينة كرمها الله تعالى ، فذهب بعض الصحابة منهم عمر بن الخطاب رضياللهعنهم وأكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة وهو المشهور من مذهب مالك ، وذهب ابن وهب وابن حبيب من المالكية وأهل مكة وعلماء الكوفة ومنهم أبو حنيفة وكذا الشافعي وأحمد فضلوا [مكة على المدينة](١) ؛ لحديث ابن الزبير رضياللهعنه : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة في مسجدي هذا». رواه أحمد وابن حبان في صحيحه (٢).
وقال ابن عبد البر : ذلك مروي عن عمر ، وعلي ، [وابن](٣) مسعود ، وأبي الدرداء ، وجابر بن عبد الله رضياللهعنهم قال : وهم أولى أن يقلدوا ، قال : وحسبك بفضل مكة أن فيها بيت الله تعالى الذي قال الله تعالى يحط أوزار العباد بقصده في العمر مرة ، ولم يقبل من أحد صلاة إلا باستقباله إليه إذا قدر على التوجه إليها ، وهي قبلة المسلمين أحياءا وأمواتا. انتهى.
وفضائل مكة أيضا بإقامة النبي صلىاللهعليهوسلم بها أكثر من المدينة ، وكثرة الزوار من الأنبياء والمرسلين ، والنهي عن استقبالها واستدبارها عند قضاء الحاجة ، وتحريمها يوم [خلق](٤) السموات والأرض ، وكونها مبعث إبراهيم
__________________
(١) في الأصل : المدينة على مكة. والصواب ما أثبتناه. انظر : زبدة الأعمال (ص : ١٨٣).
(٢) أخرجه أحمد (٣ / ٣٤٣) ، وابن حبان (٤ / ٤٩٩).
(٣) في الأصل : وأبي. والتصويب من البحر العميق (١ / ١٥).
(٤) في الأصل : خلقت. والتصويب من البحر العميق ، الموضع السابق.