وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، وكونها لا تدخل إلا بإحرام ، وثناء الله تعالى على البيت بقوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ* فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ ...) إلخ [آل عمران : ٩٦ ـ ٩٧] ، وفضائل مكة لا تعدّ ولا تحصى ، ولو لم يكن فيها سوى أنها مهبط الوحي ، وأنها مسقط رأس سيد الأنام ، ومنزل القرآن ، ومظهر الإيمان صلىاللهعليهوسلم ، ومنشأ الخلفاء الراشدين لكفى ذلك شرفا. ذكره القرشي (١).
وقال مالك ـ أي في رواية أشهب ـ عنه : المدينة أفضل من مكة ، وكذا عمر بن الخطاب وأكثر المدنيين ، واستدلّوا بما روي أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال حين خرج من مكة إلى المدينة : «اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إليّ فأسكني في أحب البلاد إليك» (٢). رواه الحاكم في المستدرك.
وما هو أحب البقاع إلى الله يكون أفضل ، والظاهر استجابة دعائه صلىاللهعليهوسلم وقد أسكنه المدينة ، فتكون أفضل البقاع.
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «المدينة خير من مكة» وهو نص في الباب.
ودعا لها ـ أي : للمدينة ـ بمثل ما دعا سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لمكة ومثله معه ، وهو قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يصبر على لأوائها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة» (٣) ، وقوله صلىاللهعليهوسلم : «إن الإيمان ليأرز إلى ـ المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها» (٤).
__________________
(١) البحر العميق (١ / ١٥).
(٢) أخرجه الحاكم (٣ / ٤ ح ٤٢٦١).
(٣) أخرجه مسلم (٢ / ١٠٠٢ ح ١٣٧٤).
(٤) أخرجه البخاري (٢ / ٦٦٣ ح ١٧٧٧) ، ومسلم (١ / ١٣١ ح ١٤٧).
وفي هامش الأصل : قوله : «إن الإيمان ليأرز» هو بتقديم الراء على الزاي ، وهذه الرواية هي رواية الجامع الصغير. وفي صحاح الجوهري : «إن الإسلام ليأرز إلى المدينة