اليوم إلا الماء.
قال القطبي (١) : وقد غلا الماء جدا في يوم عرفة ، وأنا إذ ذاك مراهق ، فاشتريت قربة صغيرة يحملها الرجل بدينار ذهب ، فشربنا جانبا وتصدقنا جانبا والناس في كرب من العطش ، ففرج الله على الناس بمطر حتى صاروا يشربون من تحت أرجلهم ، فسبحانه ما أوسع رحمته. انتهى باختصار.
ثم قال (٢) : ومن جملة خيرات السلطان سليمان ومن أعظمها : إجراء عين عرفات إلى مكة المشرفة ، وسبب ذلك : أن العين التي كانت جارية بمكة وهي عين حنين قد انقطعت ، وكان إذ ذاك عين عرفات لم [تصل](٣) إلى مكة ، وإنما كان حدّها إلى البئر الذي خلف منى على ما يأتي بيانه ، فبرزت الأوامر السلطانية بإصلاح عين حنين وعين عرفات ، وعيّن لها ناظرا اسمه مصلح الدين مصطفى من المجاورين بمكة ، فبذل جهده في عمارتها وإصلاح قناتها إلى أن جرت عين حنين إلى أسفل مكة تصب في بركة ماجن ، وأجرى عين عرفات إلى أن صارت تملأ البرك بعرفات ، وذلك في سنة تسعمائة وإحدى وثلاثين ، وصار الحجّاج يشربون من ذلك الماء العذب ، ثم اشترى ناظر العين عبيدا سودا من مال السلطنة وجعل لهم جرايات وعلوفات من مال السلطنة برسم خدمة العين لإخراج ترابها من الدبول ، وهذه خدمتهم دائما.
__________________
(١) الإعلام (ص : ٣٣٨ ـ ٣٣٩).
(٢) الإعلام (ص : ٣٣٩).
(٣) في الأصل : تتصل. والصواب ما أثبتناه.