خمسين ذراعا في العمق ، وصار لا يمكن ترك ذلك العمل بعد الشروع فيه حفظا لناموس السلطنة ، فما وجد الأمير حيلة غير أنه يحفر على وجه الأرض إلى أن يصل إلى الحجر الصوان ثم يوقد عليه بالنار مقدار مائة حمل من الحطب كل ليلة ، ويجعل ذلك الحطب على مقدار سبعة أذرع في عرض خمسة من وجه الأرض ، والنار لا تعمل إلا في العلو ، ولكن تعمل عملا يسيرا مقدار قيراطين ، وصار على ذلك العمل يوقد بالحطب ويكسر إلى أن خلا الحطب مما قرب منه ، وصار يجلب من بعيد إلى أن قطع من تلك المسافة قريبا من ألف ذراع في عمق خمسين ذراعا في عرض خمسة ، وصرف أموالا كثيرة ، وتوفي إبراهيم بيك المرحوم ناظر هذه العمارة في سنة تسعمائة [وأربع](١) وسبعين ، ثم أقيم بعده سنجقدار جدة الأمير قاسم في هذه الخدمة ومولانا القاضي حسين ، واستمر الأمير قاسم إلى أن توفي وما أراد الله بإكمال هذا العمل على يديه ، وكانت وفاته في سنة تسعمائة [وست](٢) وسبعين ، ثم توجه إلى ما بقي من عين عرفات باعتبار ما بيده من الأوامر السلطانية والنظر إلى هذه الخدمة الشريفة القاضي حسين ، فأفرغ همته في تلك الخدمة ، وكان من توفيق الله تعالى أن تم هذا العمل على يديه في أقل من خمسة أشهر بعد أن عجز عن الإتمام من قبله ممن ذكر رحمهمالله ، وقد عملوا قريبا من نحو عشرة أعوام وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وجرت عين عرفات إلى أن دخلت مكة لعشرين بقين من ذي القعدة الحرام سنة تسعمائة [وتسع](٣) وسبعين ـ بتقديم التاء على السين ـ.
__________________
(١) في الأصل : وأربعة.
(٢) في الأصل : وستة.
(٣) في الأصل : وتسعة.