السموات ؛ فقد قال بعضهم : ما تقدم من الأثرين الدالين على أن أول من بناها الملائكة لم يصح واحد منهما ، وكانت قبل ذلك ـ أي : وكان محلها قبل بناء آدم لها ـ خيمة من ياقوتة حمراء أنزلت لآدم عليه الصلاة والسلام من الجنة أي : لها بابان : باب من زمرد أخضر شرقي ، وباب غربي من ذهب منظومان من درّ الجنة ، فكان آدم عليه الصلاة والسلام يطوف بها ويأنس إليها ، وقد حج إليها من الهند [ماشيا](١) أربعين حجة.
قال الحلبي : ويجوز أن تكون تلك الخيمة هى البيت المعمور ، وعبّر عنها بحمراء ؛ لأن سقف البيت المعمور كان ياقوتة حمراء.
وذكر : أن آدم عليهالسلام لما أهبط إلى الأرض كان رجلاه بها ورأسه في السماء (٢).
وفي لفظ : كان رأسه يمسح السحاب فصلع فأورث ولده الصلع (٣) ـ أي : بعض ولده ـ ، وكان آدم يسمع تسبيح الملائكة ودعاءهم فاستأنس بذلك فهابته الملائكة ـ أي : [صارت](٤) تنفر منه ـ ، فشكى إلى الله تعالى فنقصه إلى ستين ذراعا بالذراع المتعارف ، وقيل : بذراع آدم ، فلما فقد أصوات الملائكة حزن وشكى إلى الله تعالى ، فقال : يا آدم ، إني قد أهبطت بيتا يطاف به ـ أي : تطوف به الملائكة ـ كما يطاف حول عرشي ، [ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي](٥) أي : كان ذلك ـ أي : الطواف بالعرش والصلاة عنده ـ شأن الملائكة أولا ، فلا ينافي ما تقدم أنهم بعد ذلك صاروا
__________________
(١) قوله : ماشيا ، زيادة من السيرة الحلبية.
(٢) أخرجه الأزرقي من حديث ابن عباس (١ / ٣٦).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره (١ / ٣١٩).
(٤) في الأصل : صارة.
(٥) ما بين المعكوفين زيادة من السيرة الحلبية.