وقتل من الفريقين جمع ، وانهزمت الأشراف ، ونهبت العسكر البلاد ، واستباحوا المحرمات ، وكان الشريف زيد توجه إلى المدينة ، وكتب عروضا وأرسلها إلى صاحب مصر ، ولما وصل الخبر إلى صاحب مصر أرسل إليه سبعة من الأمراء ، وأرسل بخلع سلطانية إلى الشريف زيد ، وبلغهم أن الشريف زيد بالمدينة فدخلوا ، وخلعوا عليه الخلع السلطانية بملك الحجاز في الحجرة الشريفة ، وتوجه بالعسكر إلى مكة ، ولما وصلت العساكر إلى مرّ الظهران خرجت الخوارج إلى جهة الشرق ، وحج بالناس الشريف زيد سنة إحدى وأربعين وألف ، ولما فرغ من المناسك توجهوا إلى مسك الخوارج ، فقبضوا على كبيرهم محمود وعلي ، وقتلوا منهم خلقا كثيرين ، وأتوا بمحمود وعلي وحرقوهم بالنار في شعبة العفاريت (١) ، ولما خلصوا من الخوارج قبضوا على الشريف نامي وعبد العزيز فاستفتوا فيهما ، فأفتوا بقتلهما ، فقتلوهما وصلبوهما بجانب رأس الردم المسمى الآن بالمدّعى ، وتمت الولاية للشريف زيد ، وكان عارفا مشفقا على الرعية ، وأزال في زمانه كثيرا من المنكرات ، وأبطل ما خالف الكتاب والسّنة ، وأمنت في أيامه الرعايا. انتهى من خلاصة الأثر باختصار (٢).
قال العلامة العياشي في رحلته بعد مدحه له : إنه كان متواضعا ، وهو أسمر اللون ، أبيض اللحية ، سمح الوجه ، ضرب من الرجال ، إلى النحافة أميل ، وأثنى عليه العلماء والصلحاء ، وأثنى عليه العلامة أبو مهدي عيسى بن محمد الثعالبي الجعفري المغربي المجاور بحرم الله وحرم رسوله قال : وهذا
__________________
(١) شعبة العفاريت : هو شعب أبي دب ، ويسمى أيضا : شعبة الجن. وهو الشعب الذي فيه الجزارون ، وأبو دب رجل من بني سواءة بن عامر (معجم معالم الحجاز ٣ / ٢٠١ ـ ٢٠٢).
(٢) خلاصة الأثر (٢ / ١٧٦ ـ ١٧٨).