والخيل والرجال ، وكان وصوله إلى جدة يوم الخميس سلخ (١) ربيع الأول سنة ألف ومائتين [وثلاث](٢) وأربعين ، وتوجه إلى مكة ، فلما وصل إلى مكة وجد الحرب بين الشريف عبد المطلب وبين العساكر المقيمين بمكة من طرف محمد علي باشا بمنى وبالخندمة ، فلما وصل صاحب الترجمة انكسرت عساكر الشريف عبد المطلب ، ونجا بنفسه وخواصه إلى الطائف ، [وحوصر](٣) بها أياما ، ثم تركها وتوجه إلى الأستانة العلية على طريق الشرق لتسع وعشرين خلون من رجب ، وكان ذلك يوم الجمعة. كذا بخط بعض الأفاضل.
واستقرت السلطنة بمكة والمدينة وجدة والحجاز وما والاها واليمن لصاحب الترجمة ، فسار مولانا المشار إليه على أحسن سيرة حاميا حول البيت المعظّم ، وذابّا عن سوحه المطهّر المفخم ، حتى أنه من مزيد أمنه اختلط فيه العرب والعجم ، ورعى الذئب مع الغنم ، وأمّن السبل الحجازية ، ومهّد الطرق الحرمية ، فكانت تشدّ الرحال في سائر جهاته ، وليس معها خفير سوى الأجير لا يفقد منها صواع ، ولا يختلس منها ولا قدر صاع ، وربما ترك المتاع صاحبه في الفقراء [لسبب](٤) ليؤتى له بما يحمل فيجده سالما من الآفات ، ولما طالت الأوقات مع كثرة الطارقين لتلك المعاهد والسالكين لهذا الوطن والقاصد ، ولم يعهد هذا إلا في زمن هذا الملك العادل ، ولم ينقل مثله عن مثله من الملوك الأوائل ، فلقد كانت هذه
__________________
(١) السّلخ : آخر الشهر (المعجم الوسيط ١ / ٤٤٢).
(٢) في الأصل : ثلاثة.
(٣) في الأصل : وحاصر.
(٤) في الأصل : السبب.