المنظمة (١).
ومما يناسب ذلك من خبث الحاكم العبيدي : ما ذكره الفاسي بسنده إلى أن قال (٢) : أشار بعض الملحدين على الحاكم العبيدي بنبش قبر النبي صلىاللهعليهوسلم وصاحبيه وحملهم إلى مصر وقال له : متى يحصل هذا الأمر تشدّ الرحال إلى مصر ، فدخل ذلك عقل الحاكم ، فنفذ إلى أبي الفتوح أمير مكة يأمره بذلك ، فسار أبو الفتوح حتى قدم المدينة ، وحضر إليه جماعة من أهلها ؛ لأنهم بلغهم هذا الخبر الذي سار لأجله ، فقرأ القاضي بين يديه قوله تعالى : ([وَإِنْ])(٣)(نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) ـ إلى قوله ـ : (قاتِلُوهُمْ) [التوبة : ١٢ ـ ١٤] ، فما برح الناس ، فكادوا يقتتلون مع أبي الفتوح ومن معه ، وما منعهم إلا أن البلد كانت للحاكم العبيدي. فلما رأى أبو الفتوح ما الناس عليه قال لهم : الله أحق أن يخشى ، والله لا أتعرض لشيء من ذلك ، ثم استولى عليه ضيق صدر من الحاكم ، فما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أرسل الله ريحا كادت الأرض تزلزل ، ودحرجت الإبل والخيل ، ومات خلق ، فحمد الله أبو الفتوح والناس معه.
وفي أربعة عشر وأربعمائة كانت بمكة فتنة ، قتل فيها جماعة من المصريين بسبب تجرؤ بعض الملحدين على الحجر الأسود ضربه بدبوس ، ثم قتل الضارب له (٤).
__________________
(١) درر الفرائد (ص : ٢٥٢). وانظر : إتحاف الورى (٢ / ٤٤٥) ، والعقد الثمين (٧ / ٣٥٤) ، طبعة مصر.
(٢) العقد الثمين (٤ / ٧٧ ـ ٧٨) طبعة مصر.
(٣) في الأصل : ولو. وهو خطأ.
(٤) شفاء الغرام (٢ / ٣٨٢) ، والكامل (٩ / ١٢٨) ، ودرر الفرائد (ص : ٢٥٣) ، ودول الإسلام (١ / ٤٦) ، والمنتظم (٨ / ٨) ، والبداية والنهاية (١٢ / ١٣) ، والنجوم الزاهرة