وفي اثنين [وسبعين](١) وخمسمائة أسقط المكس عن الحجاج الواصلين على طريق عيذاب (٢) ، كان الرسم بمكة أن يؤخذ من حجاج المغاربة على عدد الرؤوس ما يناسب كل أحد ، ومن دخل منهم ولم يسلّم ذلك المكس حبس ولو فاته الحج ، ولو كان فقيرا لا يملك شيئا ، فرفع ذلك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، ويدفع لأمير مكة كل سنة ثمانية ألف أردب ، وخلّد ذلك. حكاه الفاسي (٣).
وذكر ابن جبير (٤) : أنه كان يأخذ من كل إنسان سبعة دنانير مصرية ، فإن عجز عوقب بأشد العذاب ، وكان ذلك في مدة العبيديين ، جعلوها مقلدة لأمير مكة ، وعوض عن ذلك ألف دينار وألف أردب قمح ، وإقطاعات بصعيد مصر وجهة اليمن.
وفي خمسة وسبعين (٥) وخمسمائة : عمل الملك محمود بن زنكي سنقر خندقا حول الحجرة الشريفة بالمدينة ، وسكب الرصاص فيه. وسببه : أن المذكور رأى النبي صلىاللهعليهوسلم في المنام ثلاث مرات في ليلة واحدة وهو يقول : يا محمود أدركني من هذين الشخصين الأشقرين ، وأراهما في المنام ، فاستحضر وزيره قبل الصبح ـ وكان رجلا صالحا ـ فأخبره بما رأى ، فقال له الوزير : حدث شيء في مدينة الرسول صلىاللهعليهوسلم وليس له غيرك ، فتجهّز
__________________
(١) في الأصل : وثمانين. وهو خطأ. انظر : شفاء الغرام (٢ / ٣٩٢).
(٢) عيذاب : بليدة على ضفة بحر القلزم ، هي مرسى المراكب التي تقدم من عدن إلى الصعيد (معجم البلدان ٤ / ١٧١).
(٣) شفاء الغرام (٢ / ٣٩٢).
(٤) رحلة ابن جبير (ص : ٣٠ ـ ٣١). وانظر : الروضتين (٢ / ٣ ـ ٤) ، والنجوم الزاهرة (٦ / ٧٨) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٩ ، ٧ / ٢٨٨) ، طبعة مصر.
(٥) في تاريخ الخميس : سبع وخمسين.