وخرج على عجل بمقدار ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك ، حتى دخل المدينة على حين غفلة من أهلها والوزير معه ، وزاروا قبر النبي صلىاللهعليهوسلم وصاحبيه ، ثم بعد ذلك تحيّر السلطان في ماذا يفعل ، فقال له الوزير : أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال : نعم ، فطلب الناس عامة للصدقة ، وفرّق عليهم ذهبا وفضة وقال : لا يبقى أحد بالمدينة إلا جاء ، فلم يبق إلا رجلين مجاورين من أهل الأندلس نازلين في الناحية التي تلي القبلة ، قدام الحجرة من خارج المسجد هناك ، في رباط عند دار عمر بن الخطاب رضياللهعنه التي تعرف اليوم بدار العشرة ، فطلبهما فقالا : نحن على كفاية ، فجدّ في طلبهما حتى جيء بهما ، فلما رآهما قال الوزير : هما هذان ، فسألهما عن حالهما ، وما الذي جاء بهما فقالا : لمجاورة النبي صلىاللهعليهوسلم. فقال لهما : أصدقاني ، وكرر السؤال عليهما ، فلما لم يقرّا ، [أمر](١) بضربهما ، فأقرا أنهما من النصارى ، وأنهما مأموران بنقل ما في هذه الحجرة باتفاق من ملوكهما ، ووجدوهما قد حفروا نقبا تحت حائط المسجد من جهة القبلة وهما [قاصدان](٢) ناحية الحجرة ، ويجعلان التراب في بئر عندهما في البيت الذي هما به ، ولما قرب إلى الحجرة أرعدت السماء وأبرقت ، وحصل رجف عظيم ، بحيث خيّل أن الجبال الذي حول المدينة كادت تنقلع ، وكان وصول السلطان ذلك اليوم ، فضربت أعناقهما وحرقا بالنار ، وتوجه السلطان إلى الشام. كذا في تاريخ الخميس (٣).
__________________
(١) في الأصل : فأمر.
(٢) في الأصل : قاصدين. والصواب ما أثبتناه.
(٣) تاريخ الخميس (٢ / ٣٦٣ ـ ٣٦٥).