ويناسب ذلك : ما حكاه محب الدين الطبري في الرياض النضرة (١) ، ونصه : أخبرني الشيخ هارون بن عمر ـ وهو صدوق ـ عن أبيه وكان من الرجال الكبار ، قال : كنت مجاورا بالمدينة وشيخ خدمة مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم يسمى [شمس](٢) الدين ، وكان رجلا صالحا قال لي يوما : أخبرك بعجيبة؟ قلت : نعم. قال : جاء قوم من أهل حلب وبذلوا لأمير المدينة أموالا كثيرة وسألوه أن يمكنهم من الحجرة الشريفة ليخرجوا منها أبا بكر وعمر رضياللهعنهما ، قال : فجاءني رسول الأمير وقال : الأمير يدعوك فذهبت إليه ، فأخبرني أن الليلة يأتوك ناس ويدقون عليك الباب ، فافتح لهم باب المسجد ومكّنهم مما أرادوا ، ولا تعارضهم في شيء مما يفعلوه. فقلت : السمع والطاعة ، فخرجت فلم أزل أبكي يومي حتى كان الليل وصلينا العشاء ، وخرج الناس وغلقت الأبواب ، فلم ألبث أن دق باب السلام ، ففتحت الباب ، فدخل أربعون رجلا أعدّهم واحدا بعد واحد ، ومعهم المكاتل (٣) والمساحي (٤) والشموع وآلة الهدم ، فو الله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم ، ولم يبق لهم أثر ، فدعاني الأمير فأخبرته فقال : إياك أن يظهر هذا الحديث. انتهى.
وفي خمسمائة [وواحد](٥) وثمانين ازدحم الحجاج بمكة ، ومات منهم أربعة وثلاثون نفسا (٦).
__________________
(١) الرياض النضرة (١ / ٣٧٢) ، وانظر : تاريخ الخميس (٢ / ٣٦٥).
(٢) في الأصل : كمال. وانظر الموضعين السابقين.
(٣) المكتل : زنبيل يعمل من الخوص (المعجم الوسيط ٢ / ٧٧٦).
(٤) المساحي : جمع مسحاة ، وهي المجرفة من الحديد (لسان العرب ، مادة : مسح).
(٥) في الأصل : واحد. والصواب ما أثبتناه.
(٦) شفاء الغرام (٢ / ٣٩٤) ، وإتحاف الورى (٢ / ٥٥٤) ، والعقد الثمين (١ / ١٨٩) ، طبعة