والسؤال : كيف توصل إلى إزلالهما بعد ما قيل له : (فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) سورة (ص) والجواب : إنه منع من دخولها على جهة التكرمة كدخول الملائكة لا عن دخولها على جهة الوسوسة ابتلاء لآدم وحواء ، وبعضهم ذهب إلى أن الوسوسة مستطاعة له على البعد ، والرواية الإسرائيلية تذكر الحية كواسطة في الدخول وسنرى قيمة الروايات الإسرائيلية فيما بعد.
(وَقُلْنَا : اهْبِطُوا) الهبوط النزول والخطاب على رأي بعضهم لآدم وحواء وإبليس وبعضهم قال : الخطاب لآدم وحواء لأن إبليس أمر بالهبوط من قبل ، والمراد هما وذريتهما لأنهما لما كانا أصل الإنس ومتشعبهم جعلا كأنهما الإنس كلهم (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) على الوجه الأول فالمراد به عداوة إبليس للإنسان وعلى الوجه الثاني فالمراد به ما عليه الناس من التباغي والتعادي وتضليل بعضهم لبعض (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) المستقر إما موضع الاستقرار أو هو الاستقرار نفسه (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) المتاع : التمتع ، والحين : إما يوم القيامة أو الموت (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) أي استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها ، أي إن الله عزوجل ألهمه إياها والكلمات هن : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ،) (سورة الأعراف) (فَتابَ عَلَيْهِ.) أي فرجع عليه بالرحمة والقبول واكتفى بذكر توبة آدم لأن حواء كانت تبعا له. (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.) التواب : الكثير القبول للتوبة ، والرحيم : الكثير الرحمة. (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً.) أي مجتمعين ، وكرر الأمر بالهبوط للتأكيد ، أو لما نيط به من زيادة قوله تعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) إذ هي القاعدة الكلية التي سيكون عليها مدار فعل الله جل جلاله بهم (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) الهدى هنا هو : الرسول أو الكتاب أو الوحي ، أو هو : الكتاب أو الوحي بواسطة رسوله (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) الاتباع يكون بالقبول له والإيمان به والعمل. (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أي فيما يستقبلونه من أمر الآخرة. (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما فاتهم من أمر الدنيا (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا.) أي : جحدوا الهدى وكذبوا أهله مع مجيئهم بالآيات (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ.) أي : أهلها ومستحقوها (هُمْ فِيها خالِدُونَ.) أي : مخلدون فيها لا محيد لهم عنها ولا محيص.