هذا الطلب من أهل عصرنا مع زيادة وقاحة ، فبنوا إسرائيل طلبوا الرؤية وعلقوا عليها الإيمان ، وإن من أبناء عصرنا من كتب طالبا الرؤية من أجل أن يؤذي الله في زعمه. ألا ما أجهل الكافر وأغباه وما أحمقه وأضله وما أعظم حلم ربنا!؟ ولكن ما أعده الله لأعدائه في الدنيا والآخرة كثير. وهل الذين طلبوا الرؤية هم الجميع ، أو هم السبعون الوارد ذكرهم في سورة الأعراف؟ قولان للمفسرين وسنقف في سورة الأعراف وقفات طويلة مستعرضين الروايات اليهودية مع النقد فإلى هناك. وقد ناقشنا موضوع تعليق الإيمان بالله على رؤيته وسماعه في كتابنا «الله جل جلاله» وقد اتضح لنا من خلال ما مر هنا وما مر من قبل في قصة بني إسرائيل أو في قصة آدم كيف أن معصية الله لا تمر بدون عقوبة للفرد أو للجماعة أو للأمة فما أكثر غفلة الناس.
(وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) : أي جعلنا الغمام يظلكم ، وذلك في التيه سخر الله لهم السحاب يسير بسيرهم يظلهم من الشمس : (وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى) اختلفت عبارات المفسرين في المن ما هو وسننقل في سورة الأعراف ما تذكره الروايات الإسرائيلية.
قال ابن كثير ملخصا عبارات المفسرين في شرح المن قال : «فمنهم من فسره بالطعام ومنهم من فسره بالشراب ، والظاهر والله أعلم أنه كل ما من الله به عليهم من طعام وشراب وغير ذلك مما ليس لهم فيه عمل ولا كد. فالمن : المشهور إن أكل وحده كان طعاما وحلاوة ، وإن مزج مع الماء صار شرابا طيبا ، وإن ركب مع غيره صار نوعا آخر». وهناك حديث صحيح رواه البخاري يستأنس به هنا وهو : «الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين» وأما السلوى : فالمشهور الذي يكاد يكون عليه إجماع المفسرين أنها طير ، وفسر بأنه السمانى وهو طير أكبر من العصفور ، وقال بعضهم غير ذلك. ووجد من قال بأن السلوى هي العسل. (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.)
قال ابن كثير : «أي أمرناهم بالأكل مما رزقناهم وأن يعبدوا .. فخالفوا وكفروا ، فظلموا أنفسهم هذا مع ما شاهدوه من الآيات والمعجزات القاطعات وخوارق العادات».
قال ابن كثير تعليقا على هذه الآية :
«من ههنا نتبين فضيلة أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ورضي عنهم على سائر أصحاب الأنبياء في صبرهم وثباتهم وعدم تعنتهم مع ما كانوا معه في أسفاره وغزواته منها عام تبوك في