تاريخ نيسابور مع كونه ألّف كتابه في فضائل نيسابور إلا أنه لم يقدر على دفع فضل هذه المدينة ، والنسبة إليها مروزيّ على غير قياس ، والثوب مرويّ على القياس ، وبين مرو ونيسابور سبعون فرسخا ومنها إلى سرخس ثلاثون فرسخا وإلى بلخ مائة واثنان وعشرون فرسخا اثنان وعشرون منزلا ، أما لفظ مرو فقد ذكرنا أنه بالعربية الحجارة البيض التي يقتدح بها إلا أن هذا عربيّ ومرو ما زالت عجمية ثم لم أر بها من هذه الحجارة شيئا البتّة ، وأما الشاهجان فهي فارسية معناها نفس السلطان لأن الجان هي النفس أو الروح والشاه هو السلطان ، سميت بذلك لجلالتها عندهم ، وقد روي عن بريدة بن الحصيب أحد أصحاب النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، أنه قال : قال لي رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : يا بريدة إنه سيبعث من بعدي بعوث فإذا بعثت فكن في بعث المشرق ثم كن في بعث خراسان ثم كن في بعث أرض يقال لها مرو إذا أتيتها فانزل مدينتها فإنه بناها ذو القرنين وصلّى فيها عزيز ، أنهارها تجري بالبركة ، على كل نقب منها ملك شاهر سيفه يدفع عن أهلها السوء إلى يوم القيامة ، فقدمها بريدة غازيا وأقام بها إلى أن مات وقبره بها إلى الآن معروف عليه راية رأيتها ، قال بطليموس في كتاب الملحمة : مدينة مرو الرقة ، كذا قال ، طولها سبع وستون درجة ، وعرضها أربعون درجة ، في الإقليم الخامس ، طالعها العقرب تحت ثماني عشرة درجة من السرطان ، يقابلها مثلها في الجدي ، بيت ملكها مثلها من الحمل ، بيت عاقبتها مثلها من الميزان ، كذا قال بطليموس ، وقد تقدم ذكرها عند ذكر الأقاليم أنها في الإقليم الرابع ، قال أبو عون إسحاق بن علي في زيجه : مرو في الإقليم الرابع ، طولها أربع وثمانون درجة وثلث ، وعرضها سبع وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة ، وشنّع على أهل خراسان وادّعي عليهم البخل كما زعم ثمامة أن الديك في كل بلد يلفظ ما يأكله من فيه للدجاجة بعد أن حصل إلا ديكة مرو فإنها تسلب الدجاج ما في مناقيرها من الحبّ ، وهذا كذب بيّن ظاهر للعيان لا يقدم على مثله إلا الوقّاع البهّات الذي لا يتوقّى الفضوح والعار وما ديكة مرو إلا كالدّيكة في جميع الأرض ، قالوا : ولما ملك طهمورث بنى قهندز مرو وبنى مدينة بابل وبنى مدينة ابرايين بأرض قوم موسى ومدينة بالهند في رأس جبل يقال له أوق ، قال : وأمرت حماي بنت أردشير بن إسفنديار لما ملكت ببناء الحائط الذي حول مرو ، وقال : إن طهمورث لما بنى قهندز مرو بناه بألف رجل وأقام لهم سوقا فيها الطعام والشراب فكان إذا أمسى الرجل أعطي درهما فاشترى به طعامه وجميع ما يحتاج إليه فتعود الألف درهم إلى أصحابه ، فلم يخرج له في البناء إلا ألف درهم ، وقال بعضهم :
مياسير مرو من يجود لضيفه |
|
بكرش فقد أمسى نظيرا لحاتم |
ومن رسّ باب الدار منكم بقرعة |
|
فقد كملت فيه خصال المكارم |
يسمّون بطن الشاة طاووس عرسهم ، |
|
وعند طبيخ اللحم ضرب الجماجم |
فلا قدّس الرحمن أرضا وبلدة |
|
طواويسهم فيها بطون البهائم |
وكان المأمون يقول : يستوي الشريف والوضيع من مرو في ثلاثة أشياء : الطّبيخ النارنك والماء البارد لكثرة الثلج بها والقطن اللين ، وبمرو الرّزيق ،