معاوية أن يبايع لابنه يزيد حجّ ، فقدم مكّة في نحوٍ من ألف رجلٍ ، فلمّا دنا من المدينة خرج ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر ، فلمّا قدم معاوية المدينة صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ ذكر ابنه يزيد فقال : من أحقّ بهذا الأمر منه؟!
ثمّ ارتحل فقدم مكّة ، فقضى طوافه ودخل منزله ... وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر ، فتشهّد وأخذ في الكلام ، فقطع عليه كلامه فقال : إنّك ـ والله ـ لوددتُ أنّا وكلناك في أمر ابنك إلى الله ، وإنّا ـ والله ـ لا نفعل ، والله لتردّنّ هذا الأمر شورى بين المسلمين ، أو لنعيدنّها عليك جذعة. ثمّ وثب فقام.
فقال معاوية : اللهمّ اكفنيه بما شئت.
ثمّ قال : على رسلك أيّها الرجل ، لا تشرفنّ بأهل الشام ، فإنّي أخاف أن يسبقوني بنفسك ، حتّى أُخبرهم العشية أنّك قد بايعت ، ثمّ كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك (١).
وفي تاريخ الطبري : «بايع الناس ليزيد بن معاوية غير الحسين بن عليّ وابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عبّاس.
فلمّا قدم معاوية ... أرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : يا ابن أبي بكر ، بأيّة يدٍ أو رجلٍ تقدم على معصيتي؟!
قال : أرجو أن يكون ذلك خيراً لي.
فقال : والله لقد هممت أن أقتلك.
قال : لو فعلت لأتبعك الله به لعنةً في الدنيا وأدخلك به في الآخرة
__________________
(١) تاريخ الخلفاء : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، وانظر : الإمامة والسياسة ١ / ٢٠٤ ـ ٢١٢