مطيعين ، وقد سلّموا وبايعوا ، وسمعوا وأجابوا وأطاعوا.
فضرب أهل الشام بأيديهم إلى سيوفهم فسلّوها ثمّ قالوا :
يا أمير المؤمنين! ما هذا الذي تعظّمه من أمر هؤلاء الأربعة؟! إئذن لنا أن نضرب أعناقهم ، فإنّا لا نرضى أن يبايعوا سرّاً ، ولكنْ يبايعوا جهراً حتّى يسمع الناس أجمعون.
فقال معاوية : سبحان الله! ما أسرع الناس بالشرّ ، وما أحلى بقاءهم عندهم ، اتّقوا الله يا أهل الشام ولا تسرعوا إلى الفتنة ، فإنّ القتل له مطالبة وقصاص ، فإنّهم قد بايعوا وسلّموا ، وارتضوني فرضيت عنهم.
فلمّا سئل الإمام عليهالسلام عن ذلك قال : «لا والله ما بايعنا ، ولكنّ معاوية خادعنا وكادنا ...» (١).
وروى الطبراني بسنده عن محمّد بن سيرين ، قال : «لمّا بايع معاوية ليزيد حجَّ ، فمرّ بالمدينة فخطب الناس ، فقال : إنّا قد بايعنا يزيد فبايعوا.
فقام الحسين بن عليّ فقال : أنا ـ والله ـ أحقّ بها منه ، فإنّ أبي خير من أبيه ، وجدّي خير من جدّه ، وإن أُمّي خير من أُمّه ، وأنا خير منه.
فقال معاوية : أمّا ما ذكرت أنّ أنّ جدّك خير من جدّه ، فصدقت ، رسول الله خير من أبي سفيان بن حرب ، وأمّا ما ذكرت أنّ أُمّك خير من أُمّه ، فصدقت ، فاطمة بنت رسول الله خير من بنت مجدل ، وأمّا ما ذكرت أنّ أباك خير من أبيه ، فقد قارع أبوه أباك فقضى الله لأبيه على أبيك ، وأمّا
__________________
(١) انظر : الفتوح ـ لابن أعثم ـ ٤ / ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢١٣ ، العقد الفريد ٣ / ٣٦٠ ، المنتظم ٤ / ١٠٤ ـ ١٠٥ ، البداية والنهاية ٨ / ٦٤ ـ ٦٥ حوادث سنة ٥٦ ه ، تاريخ الخلفاء : ٢٣٦