وكان يقول : سُقيت السمّ مراراً ما أصابني فيها ما أصابني في هذه المرّة ، لقد لفظت كبدي فجعلت أُقلّبها بعود كان في يدي» (١).
وقال المسعودي : «وذُكر أنّ امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي سقته السمّ ، وقد كان معاوية دسّ إليها : إنّك إن احتلت في قتل الحسن وجّهت إليك بمئة ألف درهم وزوّجتك من يزيد ؛ فكان ذلك الذي بعثها على سمّه ، فلمّا مات وفى لها معاوية بالمال وأرسل إليها : إنّا نحبّ حياة يزيد ، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه» (٢).
وقال ابن تيميّة ـ في مقام الدفاع عن معاوية ـ : «والحسن رضي الله عنه قد نقل عنه أنّه مات مسموماً ، وهذا ممّا يمكن أنْ يعلم ، فإنّ موت المسموم لا يخفى ، لكن يقال : إنّ امرأته سمّته ، ولا ريب أنّه مات بالمدينة ومعاوية بالشام ، فغاية ما يظنّ الظانّ أنْ يقال : إنّ معاوية أرسل إليها وأمرها بذلك ... فإنْ كان قد وقع شيء من ذلك فهو من باب قتال بعضهم بعضاً ...» (٣).
وإذا كان ابن تيميّة يشكّك في الحقائق الواقعة ، فإنّ بعض المتعصّبين قد صرّح بتكذيب ذلك ، فقد قال ابن خلدون : «وما يُنقل من أنّ معاوية دسّ إليه السمّ مع زوجته جعدة بنت الأشعث ، فهو من أحاديث الشيعة ، وحاشا لمعاوية من ذلك» (٤).
هذا ، وقد ذكروا أنّ معاوية لمّا أتاه خبر وفاة الإمام الحسن عليه
__________________
(١) ربيع الأبرار ٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩
(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٢٧
(٣) منهاج السُنّة ٤ / ٤٦٩ ـ ٤٧١
(٤) تاريخ ابن خلدون ٢ / ٦٢٠