خطب خطبةً أبكى منها العيون ، وأوجل منها القلوب ... حتّى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب.
قال : وخشي يزيد أن تكون فتنة ، فأمر المؤذّن فقال : اقطع عنّا هذا الكلام.
قال : فلمّا سمع المؤذّن قال : الله أكبر ؛ قال الغلام : لا شيء أكبر من الله.
فلمّا قال : أشهد أنْ لا إله إلّاالله ؛ قال الغلام : يشهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي.
فلمّا قال المؤذّن : أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، التفت عليُّ بن الحسين من فوق المنبر إلى يزيد فقال : محمّد هذا جدّي أم جدّك؟! فإنْ زعمت أنّه جدّك فقد كذبت وكفرت ، وإن زعمت أنّه جدّي فلم قتلت عترته؟!
قال : فلمّا فرغ المؤذّن من الأذان والإقامة تقدّم يزيد يصلّي بالناس صلاة الظهر ، فلمّا فرغ من صلاته أمر بعليّ بن الحسين وأخواته وعمّاته رضوان الله عليهم ، ففرّغ لهم داراً فنزلوها ، وأقاموا أيّاماً يبكون وينوحون على الحسين رضي الله عنه» (١).
إقامة المناحة ثلاثة أيّام في دمشق
قال البلاذري ، وابن سعد ، والطبري ، وغيرهم (٢) :
__________________
(١) الفتوح ٥ / ١٥٤ ـ ١٥٥ ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي ـ ٢ / ٧٦ ـ ٧٨
(٢) أنساب الأشراف ٣ / ٤١٧ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٦ / ٤٤٨ ، تاريخ الطبري