يقصد الكوفة ملبّياً دعوتها.
وجاء الحسين عليهالسلام هذا النبأ المفجع وهو بزرود.
وأمّا هاني بن عروة ، فقد كان محبوساً عند ابن زياد ، فأُخرج من الحبس ـ بعد قتل مسلم ـ وجيء به إلى السوق الذي يباع فيه الغنم مكتوفاً ، فجعل ينادي : وا مذحجاه! ولا مذحج لي اليوم ، وا مذحجاه! وأين منّي مذحج؟!
فلمّا رأى أنّ أحداً لا ينصره ، جذب يده فنزعها من الكتاف ثمّ قال : أمَا من عصا أو سكّين أو حجر أو عظم يجاهد به رجل عن نفسه؟!
فتواثبوا عليه وشدّوه وثاقاً ثمّ قيل له : أُمدد عنقك!
فقال : ما أنا بها سخيّ ، وما أنا بمعينكم على نفسي.
فضربه مولىً لعبيد الله بن زياد تركيٌّ ـ يقال له : رشيد ـ بالسيف فلم يصنع سيفه شيئاً.
فقال هاني : إلى الله المعاد ، اللهمّ إلى رحمتك ورضوانك.
ثمّ ضربه ضربة أُخرى فقتله ، وكان ذلك يوم التاسع من ذي الحجّة بعد قتل مسلم بيوم واحد ، وكان له من العمر سبع وتسعون سنة.
وأمر ابن زياد فسُحب جثتاهما من أرجلهما بالأسواق والناس ينظرون إليهما ، يا له منظراً فظيعاً وعبرة للمعتبر!
ثمّ إنّ ابن زياد بعث برأسَي مسلم وهاني إلى يزيد ، مع هاني بن أبي حيّة الوادعي والزبير بن الأروح التميمي ، واستوهب جثّتيهما ودفنوهما عند القصر حيث موضعهما اليوم ، وقبراهما كلّ على حدة.
قال عبد الله بن الزبير الأسدي يؤبّنهما من أبيات :