فقلنا له : ننشدك الله في نفسك وأهل بيتك إلّاانصرفت من مكانك هذا ، فإنّه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة ، بل نتخوّف أن يكونوا عليك.
فنظر إلى بني عقيل فقال : ما ترون فقد قُتل مسلم؟
فقالوا : والله لا نرجع حتّى نصيب ثأرنا أو نذوق ما ذاق.
فأقبل علينا الحسين وقال : لا خير في العيش بعد هؤلاء.
فعلمنا أنّه قد عزم رأيه على المسير ، فقلنا له : خار الله لك.
فقال : رحمكما الله.
فقال له أصحابه : إنّك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ، ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع.
فسكت ، ثمّ انتظر حتّى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه : أكثروا من الماء.
فاستقوا وأكثروا ، ثمّ ارتحلوا» (١).
وقال السيّد ابن طاووس : «قال الراوي : ثمّ سار عليهالسلام حتّى نزل الثعلبية وقت الظهيرة ، فوضع رأسه فرقد ، ثمّ استيقظ فقال : قد رأيت هاتفاً يقول : أنتم تسرعون والمنايا تسرع بكم إلى الجنّة.
فقال له ابنه عليّ : يا أبة! أفلسنا على الحقّ؟!
فقال : بلى يا بُني والذي إليه مرجع العباد.
فقال : يا أبة! إذاً لا نبالي بالموت.
فقال الحسين عليهالسلام : فجزاك الله يا بنيّ خير ما جزى ولداً عن والده.
__________________
(١) الإرشاد ٢ / ٧٤ ـ ٧٥