وأصحابه ، ودفع إلى الحُرّ كتاباً من ابن زياد ، فإذا فيه :
أمّا بعد ، فجعجِعْ (١) بالحسين حين يبلغك كتابي ويقدم عليك رسولي ، فلا تنزله إلّابالعراء في غير حصن وعلى غير ماء ، وقد أمرتُ رسولي أن يلزمك فلا يفارقك حتّى يأتيني بإنفاذك أمري ؛ والسلام.
فلمّا قرأ الكتاب قال لهم الحُرّ : هذا كتاب الأمير يأمرني أن أُجعجع بكم في المكان الذي يأتيني فيه كتابه ، وقد أمر رسولَه أن لا يفارقني حتّى أُنفذ رأيه.
وأخذهم الحُرّ بالنزول على غير ماء ولا في قرية ، فقالوا : دَعْنا ننزل في نينوى أو الغاضريّة أو شُفَيّة.
فقال : لا أستطيع ، هذا الرجل قد بُعث عيناً علَيَّ.
فقال زُهير بن القَين للحسين : إنّه لا يكون والله بعد ما ترون إلّاما هو أشدّ منه يا ابن رسول الله ، وإنّ قتال هؤلاء الساعة أهون علينا من قتال مَن يأتينا من بعدهم ، فلعمري ليأتينّا من بعدهم ما لا قِبل لنا به!
فقال الحسين : ما كنتُ لأبدأهم بالقتال.
فقال له زهير : سِرْ بنا إلى هذه القرية حتّى ننزلها فإنّها حصينة وهي على شاطئ الفرات ، فإن منعونا قاتلناهم ، فقتالهم أهون علينا مِن قتال مَن يجيء بعدهم.
فقال الحسين : ما هي؟
قال : العَقْر.
__________________
(١) الجَعْجَعُ : الموضع الضيّق الخشن ، وقوله : «جَعْجِع» أي : ضيّق عليه المكان ؛ انظر مادّة «جعع» في : لسان العرب ٢ / ٢٩٨ ، تاج العروس ١١ / ٦٧