ويداني الأباعد ، حتّى استوثق له من أكثر الناس ...» (١).
وذكر المؤرّخون ـ في وقائع سنة ٥٦ ـ دخول المُغِيْرَة بن شعبة على معاوية وتشجيعه إيّاه على العهد ليزيد ، وذلك لمّا أراد معاوية عزل المُغِيْرَة عن الكوفة ، فانتهى الأمر إلى إبقائه عليها ، فقدم الكوفة وجعل يذاكر شيعة بني أُميّة وغيرهم ، وأوفد جماعةً مع ابنه موسى إلى معاوية يطلبون منه الإعلان عن العهد ليزيد ، فقال لهم : لا تعجلوا بإظهار هذا وكونوا على رأيكم ؛ ثمّ قال لموسى : بكم اشترى أبوك من هؤلاء دينهم؟ قال : بثلاثين ألفاً ؛ فقال : لقد هان عليهم دينهم!
قالوا : فكتب معاوية بذلك إلى زياد بن أبيه يستشيره ـ وزياد إذ ذاك على البصرة ـ ، فكتب إليه زياد يشير عليه بأنْ لا يعجل ، لأنّه كان يتخوّف من نفرة الناس ، وقدم على يزيد من قبله عبيد بن كعب النميري يأمره بالكفّ عمّا كان يصنع ... (٢).
وسيأتي ذِكر عاقبة أمر زياد بسبب هذا الموقف.
وإذا ثبت أنّ معاوية كان يفكّر منذ زمن الإمام الحسن عليهالسلام في العهد ليزيد من بعده ، ظهر أنّ ما يقال من أنّ المُغِيْرَة بن شعبة هو الذي اقترح عليه ذلك غير صحيح.
نعم ، قد اقترح عليه الإعلان الرسمي عمّا كان يريد ، ولعلّه كان بالتنسيق معه ، وهو منهما غير بعيد!
__________________
(١) العقد الفريد ٣ / ٣٥٧
(٢) انظر حوادث سنة ٥٦ في : تاريخ الطبري ٣ / ٢٤٨ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ١٩ ـ ٢٠ ، وغيرها