ويزيد صحّ إسلامُه ، وما صحّ قتلُه للحسين رضي الله عنه ، ولا أَمرُه ولا رِضاه بذلك ، ومهما لم يصحّ ذلك عنه لم يجز أنْ يظنّ ذلك به ، فإنّ إساءة الظنّ ـ أيضاً ـ بالمسلم حرام ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ) (١) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : إنّ الله حرّم من المسلم دمه وماله وعرضه ، وأنْ يُظنّ به ظنّ السوء.
ومن أراد أن يعلم حقيقة مَن الذي أمر بقتله لم يقدر على ذلك ، وإذا لم يعلم وجب إحسان الظنّ بكلّ مسلم يمكن إحسان الظنّ به.
ومع هذا ، لو ثبت على مسلم أنّه قتل مسلماً ، فمذهب أهل الحقّ أنّه ليس بكافر ، والقتل ليس بكفر ، بل هو معصية ، وإذا مات القاتل فربّما مات بعد التوبة ، والكافر لو تاب من كفره لم يجز لعنه ، فكيف مَن تاب مِن قَتْل؟!
ولم يُعرف أنّ قاتل الحسين مات قبل التوبة ، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) (٢)
فإذاً لا يجوز لعن أحد ممّن مات من المسلمين ، ومن لعن كان فاسقاً عاصياً الله عزوجل ، ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع ، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره لا يقال له في القيامة : لِمَ لَم تلعن إبليس؟! ويقال للّاعن : لِمَ لعنت؟! ومن أين عرفت أنّه ملعون؟!
والملعون هو المبعَد من الله عزوجل ، وذلك لا يُعرف إلّافي من مات كافراً ، فإنّ ذلك عُلم بالشرع.
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٢
(٢) سورة الشورى ٤٢ : ٢٥