أُصدَّع ؛ فوضعوا شرابهم ودَعَوْني ، فقلت : رأسي يُصَدّع ولكنّي أجلس فأسقيكم ؛ فلم ينكروا شيئاً ، فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح ، فلمّا دَبَّت الكأس فيهم اشتهوا الشراب ، فجعلت أُصَرّف لهم وأنزع الكأس فيشربون ولا يدرون ، فأهمدتهم الكأس حتّى ناموا ما يعقلون ، فوثبت إليهم فقتلتهم جميعاً ، وأخذتُ جميع ما كان معهم.
فقدمت على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأجده جالساً في المسجد مع أصحابه وعلَيَّ ثياب سفري ، فسلّمتُ بسلام الإسلام ، فنظر إليّ أبو بكر بن أبي قحافة وكان بي عارفاً ، فقال : ابن أخي عروة؟ قال : قلت : نعم ، جئت أشهد أن لا إله إلّاالله ، وأشهد أنّ محمّداً رَسُول الله ؛ فقال رَسُول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الحمد لله الذي هداك للإسلام».
فقال أبو بكر : أمن مصر أقبلتم؟ قلتُ : نعم ؛ قال : فما فعل المالكيّون الذي كانوا معك؟ قلت : كان بيني وبينهم بعض ما يكون بين العرب ونحن على دين الشرك ، فقتلتهم وأخذت أسلابهم وجئت بها إلى رَسُول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليخمّسها أو يرى فيها رأيه ، فإنّما هي غنيمة من مشركين ، وأنا مسلم مصدّق بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أمّا إسلامك فنقبله ، ولا آخذ من أموالهم شيئاً ، ولا أُخمّسه ؛ لأن هذا غدر ، والغدر لا خير فيه».
قال : فأخذني ما قرب وما بعد ، وقلت : يا رسول الله! ما قتلتهم وأنا على دين قومي ثمّ أسلمتُ حيث دخلت عليك الساعة ؛ قال : «فإنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله».