الشهود بما قد علمتم ، وإنّما كنتُ امرَأً حفظ الله منّي ما ضَيّع الناس ، ووصل منّي ما قطعوا.
أَلَا إنّا قد سُسْنا وساست السائسون ، وجَرّبنا وجَرّبَنا المجرِّبون ، وولينا وولي علينا الوالون ، وإنّا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلّاشدّة في غير عنف ، ولين في غير ضعف.
وأيم الله إنّ لي لكم صرعى ، فليحذر كلّ رجل منكم أن يكون من صرعاي ، فوالله لآخذنّ البريء بالسقيم ، والمطيع بالعاصي ، والمقبل بالمدبر ، حتّى تلين لي قناتكم ، وحتّى يقول القائل : «انج سعد فقد قُتل سعيد».
ألَا رُبّ فَرِحٍ بإمارتي لن ينفعه ، ورُبّ كارهٍ لها لن يضرّه ، وقد كانت بيني وبين أقوام منكم دمنٌ وأحقاد ، وقد جعلتُ ذلك خلف ظهري وتحت قدمي ، فلو بلغني عن أحدكم أنّ البغض في قلبه ما كشفتُ له قناعاً ، ولا هتكتُ له ستراً حتّى يبدي صفحته ، فإذا أبداها فلم أقله عثرته.
ألَا ولا كذبة أكثر شاهداً عليها من كذبة إمام على منبر ، فإذا سمعتموها منّي فاغتمزوها فيَّ ، فإذا وعدتكم خيراً أو شرّاً فلم أفِ به فلا طاعة لي في رقابكم.
أَلَا وأيّما رجل منكم كان مكتبه خُرَاسان فأجله سنتان ، ثمّ هو أمير نفسه ، وأيّما رجل منكم كان مكتبه دون خُرَاسان فأجله ستّة أشهر ، ثمّ هو أمير نفسه ، وأيّما امرأة احتاجت تأتينا ثمّ نقاصّه به ، وأيّما عقال فقدتموه من مقامي هذا إلى خُرَاسان فأنا له ضامن» (١).
__________________
(١) تاريخ دمشق ١٩ / ١٧٩ ـ ١٨٠