بالمستوى الذي وصلت إليه القضية في نتائجها السلبية على مستوى حياته الشخصية في ما أدت إليه من إرباك وتعقيد.
(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) خوفا من أن تقتلوني جزاء لما فعلته ، وتشرّدت مدة طويلة من الزمن ، (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) في ما ألهمني من الحق ، وما أوحى به إليّ من النور الذي يضيء لي وللناس الطريق المستقيم الذي يكفل السلامة لمن سار فيه واهتدى بهداه ، (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الذين يحملون مسئولية الدعوة إلى الله والعمل في سبيله ، والإعلان بكلمة الحق الصارخ أمام الناس أجمعين ممن كان في أعلى درجات السلّم الاجتماعي أو في أسفلها أو في وسطها.
ولماذا تستغرب أن يكون لي هذا الموقع الرسالي ، فتحاول أن تستذكر طفولتي التي عشتها معكم؟ فهل هي قضية ذاتيّة أو اكتسابية لتتلمس ملامحها ـ سلبا أو إيجابا ـ في حياتي الخاصة التي كنت تعرف قسما منها ، أو هي قضية ربانية متحركة من وحي الله ولطفه ورحمته؟ ثم كيف تكون التربية الأولى أساسا للحكم على الشخصية بعد غياب طويل ، وسنين عديدة ، قد يحصل الإنسان فيها على معارف جديدة ومواهب عالية تؤهله الأكثر المواقع تقدّما في الحياة مما يجعل منطقك بعيدا عن التوازن والتركيز والواقعية؟
(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) وجعلتهم عبيدا تستخدمهم في سبيل تثبيت ملكك وتقوية سلطانك ، وتقهر إنسانيتهم بمصادرة حريتهم ليتحولوا إلى أدوات مقهورة لتلبية رغباتك وتحقيق مرادك ، في ما تحبه وما لا تحبه.
وقد يتساءل الإنسان : كيف يتحدث موسى عن شيء لم يسبق الحديث عنه في حوارة مع فرعون؟ وقد يجاب عن ذلك بأن تذكيره بأنه كان قد تربى في بيته ، يحمل بعض الإيحاء بأنه جزء من هؤلاء القوم الذين يتقلبون في نعمته