مستوى القضايا العادية التي ترتكز على القدرة البشرية ، بل هي في مستوى التدبير الإلهي الذي لا يخضع للأمور المألوفة في قوانين الطبيعة (إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) فهو الحافظ لي من الأعداء وهو الناصر لي عليهم ، في ما وعدني به في بداية الرسالة. ولذلك فإني واثق بأنه سيدلني إلى الطريق الآمن الذي لن يستطيعوا اللحاق بي من خلاله.
(فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) وانشق ، (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ) أي قطعة منفصلة من الماء (كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) أي كالجبل العظيم. وهكذا دخل موسى في قلب البحر ، ولكن في أرض يابسة يحيط بها الماء من كل جهة.
(وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ) وهم فرعون وجنوده وقربناهم إلى المنطقة التي سار فيها موسى وقومه حتى يشعروا بالأمن في ملاحقتهم لهم (وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ) فأخرجناهم من البحر إلى البر (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) فقد انطبق البحر عليهم بعد خروج موسى وقومه.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) فقد رفضوا كل ما قدمه لهم موسى من آيات وبيّنات ، من دون أن يملكوا أيّ أساس للرفض. فكان جزاؤهم العقاب في الدنيا والآخرة. وعلى الأمم اللاحقة لهم أن تتفهم هذا الدرس في ما تواجهه من دعوات الأنبياء ، فتعرف كيف يأخذ الله المتمردين أخذ عزيز مقتدر ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) فلا يستطيع أحد أن ينتقص من عزته ، كما أن رحمته تتسع لكل خلقه.
* * *